باب من يرث الثلثين
  وميراثهم على سواء: يستوي ذَكَرُهُمْ وأنثاهم(١).
بَابُ مَنْ يَرِثُ الثلثينِ
  ثم أَشَارَ إلى الفرض السادس وأهله فقال:
  ٨٥ - وَالثُّلُثَانِ لِلْبَنَاتِ ثَبَتَا ... ثُمَّ بَنَاتِ الْإِبْنِ فَافْهَمْ يَا فَتَى
  ٨٦ - ثُمَّ لِأُخْتَيْنِ لِأُمٍّ وأَبِ ... أَوْ لِأَبٍ فَاعْمَلْ بِهَذَا تُصِب
  أَشَارَ إلى الفرض السادس وهو آخرها وهو الثلثان، وهو فرض البنات إذا انفردن عن معصب لهن؛ لقوله تعالى: {فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ}[النساء: ١١]، وحصل الإجماع على أن البنتين تحوزان الثلثين إلا ما يروى عن ابن عباس فإنه لم يعمل بدليل الخطاب وعمل بظاهر الآية، واعتبر لفظ النساء والفوقية وهو محجوج بحديث ابنتي سعد بن الربيع؛ فإن النبي ÷ أعطاهما الثلثين وهما السبب في نزول فرض البنات؛ وذلك أن أمهما بعد قتل أبيهما في أُحد أتت بهما إلى النبي ÷ فقالت: يا رسول الله، هاتان ابنتا سعد بن الربيع قتل أبوهما معك في أُحدٍ وإن عمهما استولى على مالهما ولا والله يا رسول الله لا تنكحان إلا ولهما مال؛ فقَالَ لها النبي ÷: «اذْهَبِي حَتَّى يَقْضِيَ اللهُ فِي ذَلِكَ» فأنزل الله: {فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ ...} الآية [النساء: ١١]، فأعطى ابنتي سعد الثلثين وأمهما الثمن وقَالَ لعمهما: «لَكَ مَا بَقِي»(٢) أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي والحاكم وصححه من حديث جابر، ووقع في رواية لأبي داود أنهما ابنتا ثابت بن قيس وهو خطأٌ؛ لأن ثابتًا أدرك اليمامة. والثلثان لبنات الابن مع عدم بنات الصلب؛ للإجماع على ذلك، وهو أيضًا للأختين فصاعدا لأبوين مع عدم بنات الصلب وبنات الابن لقوله تعالى: {فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ}[النساء: ١٧٦] وكذا الأختين فصاعدا من الأب مع عدم الأخوات من الأبوين للإجماع على ذلك. والله أعلم.
  تنبيه: قد علمت مما تقدم أن دليل فرائض ذوي السهام: إما الكتاب: مثل: سهم الزوجين والأبوين والبنات والأخوات لأبوين والإخوة لأم، وإما السنة: كالسدس لبنت الابن مع الابنة الواحدة من الصلب كما رواه ابن مسعود عنه ÷، وسَهْمِ الجد والجدة، وإما الإجماع مثل سهم الأخت للأب مع الأخت للأبوين السدس، وبعض السهام مختلف فيها ومحلها الاجتهاد، كسهم الجد مع الإخوة وسهم الأم مع الأب، وأحد الزوجين. والله أعلم.
(١) إذا لم يوجد المسقط.
(٢) مسند أحمد ٣/ ٣٥٢ رقم ١٤٨٤٠، وأبو داود ٣/ ٨٠، والترمذي ٤/ ٤١٤ رقم ٢٠١٨، والحاكم ٨٠٧٣، ٨١١١.