مقدمة المؤلف
  وفي الحديث الشريف: «من أخذ دينه عن التفكر في آلاء الله، والتدبر لكتاب الله، والتفهم لسنتي، زلت الجبال الرواسي ولم يزل، ومن أخذ دينه عن أفواه الرجال وقلدهم فيه، ذهبت إلى الرجال من يمين إلى شمال، وكان من دين الله على أعظم زوال.
  وقال بعضهم:
  ما أحسن النظر الصحيح لمنصفٍ ... في مقتضى الإصدار والإيراد
  إنّ تأمل وتطبيق كتاب الله وسنة نبيه ÷ لكفيلان بحفظ عقيدة المسلم في أعقاق كيانه، ولكن شريطة أن يتخلى عن الهوى، وينزع عن التعصب الأعمى، ويربأ بنفسه عن أقوال المتعنتين، وشبهات الناصبين، وحيل أعداء الدين، ومن لا يتجاوز الحكمة تراقيهم، فكم من قارئ للقرآن الكريم والقرآن يلعنه، وكم من حافظ للسنة الشريفة لا يعمل بها قد باض الشيطان في صدره وأفرخ في صميم كيانه، واستسلم للهوي، ونأى عما هو أولى، فلا ينتفع بموعظة، ولا يصغي إلى نصيحة {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ ١٨}[البقرة]، قال ÷ «سيخرج قوم من أمتي يقرءون القرآن، ليس قراءتكم إلى قراءتهم شيئاً، ولا صلاتكم إلى صلاتهم شيئاً، ولا صيامكم إلا صيامهم شيئاً، يقرءون القرآن يحسبون أنه لهم وهو عليهم، لا يتجاوز قراءتهم تراقيهم، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، لو يعلم الجيش الذي يغشونهم ما قضي على لسان نبيهم لاتكلوا عليه عن العمل، وآية ذلك أن فيهم رجلاً له عضد وليس له ذراع، على رأس عضده مثل حلمة الثدي عليها شعرات بيض».
  ومن ترجمة نوف البكالي من (حلية الأولياء) عن عبد الله بن عمرو