فصل
  وأعلم أن أسباب الغيبة الباعثة عليها إحدى عشر سبباً ثلاثة تختص بأهل الدين وثمانية عامة لهم ولغيرهم فالأول من الثمانية شفاء الغيظ بسبب الغضب والحقد عليه الثاني الاستشعار بأن يخشى المغتاب من رجل أن يضره عند الرؤساء ونحو ذلك الثالث وهو أكثر ما يكون موافقة الأقران ومجاملة الاخوان والرفقاء بالتفكه بذكر أعراض الناس فيخشى أن يستثقلوه أن أنكر عليهم فيرى أن ذلك من حسن المعاشرة ولا يعلم انه من أعظم الموبقات.
  الرابع أن ينسب الى شيء فيريد أن يتبرأ منه بذكر غيره ولا يقتصر على تنزيه نفسه الخامس ارادة التصنع والمباهاة بأن يرفع نفسه بنقص غيره السادس الحسد وهو انه ربما يحسد من يحبه الناس ويثنون عليه فيريد زوال تلك النعم من غيره بانتقاصه السابع اللعب والهزل والمطايبة وتزليج الوقت بالضحك وهذا دأب الأسافل من الناس وسقطهم.
  الثامن السخرية والاستهزاء والاستحقار بالغيبة، وهذه كلها أوزار موبقة.
  وأما الأسباب الثلاثة الخاصة لأهل الدين فهي: أدقها وأشرها وأضرها.
  فالأول التعجب كأن يقول: من يرى أنه من أهل الدين تعجبت من فلان كيف يحب جاريته وهي قبيحة وكيف يجلس بين يدي فلان وهو جاهل.
  الثاني الرحمة وهو أن يغتم من بلوي أحد فيقول: مسكين فلان قد غمني أمره، وإنما تكون غيبته في هذا وما قبله وما بعده إلا حيث يذكر اسم من يذكره الثالث الغضب لله تعالى فإنه قد يغضب من منكر فعله انسان فيظهر غضبه ويذكر اسم الانسان فهذه الثلاثة مما يغمض على