رضاء رب العباد الفاتح لباب كنز الرشاد،

محمد بن مطهر الغشم (المتوفى: 1355 هـ)

فصل

صفحة 364 - الجزء 1

  أسرع الأحوال فلينظر العاقل كم بينهما من التفاوت حتى يحثه ذلك النظر على الحرص في الازدياد من العمل والاقتصاد في النوم على ما لا بد منه (و) انه (يكفي بل يزيد على الكفاية ان يقتصر على نوم ثلثي الليل فهو ثلث العمر وكفى بتضييع ثلثه) مع أن ضياع ساعة بل لحظة منه غبن⁣(⁣١) عند أهل الهمم العالية فقد قيل ان العبد يندم في الآخرة حين ينظر ما يبلغ به أهل الدرجات العالية بسبب الحرص على الأوقات في رضى ربهم حيث لا ينفعه ندمه فيقول: (يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله) هذا فيمن كان من أهل العذاب وقد قيل ان من لم يكن من أهل الدرجات العالية يندمون على ما مر عليهم من اللحظات في الدنيا ولم يكن فيها رضي الله تعالى (ولا ينبغي نوم النهار إلا لمن يقوم الليل فإنه لقيام الليل كالسحور لصائم النهار ومن المقت أن يتسحر من لا يصوم) وهنا فإن من المقت أن ينام النهار من لا يقوم الليل لعبادة الحي القيوم وأيضاً فأنفع نوم النهار لذلك وقت القيلولة لا غيره وعلى الجملة فلا أضر من الغفلة التيقظ لما عن خلق له العبد من عبادة الله تعالى والنظر فيما بحثه عليها ويقوده الى الاجتهاد فيها فإن النظر في ذلك يثمر هداية القلب حتى يألف الطاعة ويرتاح لها كما قيل شعراً:

  واذا حلت الهداية قلباً ... نشطت للعبادة الاعضاء


(١) أي نقص.