فصل
  رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر» فأنظر ايها المطلع بقلب صاح عن سكرة الغفلات ما أعظم هذا الرب وأجله (وأن عظمته لا تدانيها عظمة سلطان) بل ما أذل وأحقر وأصغر كل عظمة بالنسبة الى عظمته فكل عزيز بالنسبة الى عزته لا شيء (ومع ذلك) فكيف (يترك) المنتصب لعبادته (الاقبال عليه) بقلبه وقالبه والتذلل له في عبادته مع أن الصلاة وكل عبادة انما شرعت لذلك الشأن فكيف يلهو عنه العبد (ويعرض له الذهول(١) عنه لخواطر دنيوية) زائلة وبية (ووساوس غير نافعة ولا مرضية) بل تضره في الحال بنقص ثواب عبادته (حتى لا يشعر بمعاني ما يتلوه في صلاته) بل يكون في تلك الحال غافلا (ولا يعقل ما المطلوب بها) من تذلل المخلوق لخالقه واداء ما أوجب عليه من عبادته فكيف لا يأتي بها على أحسن الوجوه مع علمه بأنه ما خلق إلا لها بل يقوم ببدنه ولا يحضر قلبه (ويسهو عن أركانها) الفعلية (وأذكارها) فما يدري ما يقول (هذا مما تحار فيه العقول) حيث يفعل العاقل المختار ما يخالف المعقول والمنقول فإن العقل يقضي بأن العبد الذليل المحتاج في كل لحظة الى خالقه الملك الجليل من حقه أن يحضر قلبه ويخشع ويستكين ويخضع في عبادة ربه غاية الخشوع والخضوع وأن يدع كل وسواس ويجرد قلبه عن كل غفلة وأما المنقول فكم
(١) أي الغفلة انتهى مصباح.