رضاء رب العباد الفاتح لباب كنز الرشاد،

محمد بن مطهر الغشم (المتوفى: 1355 هـ)

فصل

صفحة 43 - الجزء 1

  قلت: ولا يستبعد كل ما ورد من عظيم صنع الله تعالى وقدرته وسعة ملكه كما ورد في سعة الجنة وما يعطي أهلها فيها والدليل على ذلك عقلاً وسمعاً فالعقل ما ضربه بعض العلماء الثقات وهو أنه لو خلق الله تعالى عقلا للصبي وهو في بطن امه مثلاً فقيل له ان هذا الموضع الذي أنت فيه حقير وان ثمة مكاناً أوسع منه ألف مرة يملكه الفقير من الناس لاستعظم ذلك وقد يستبعده اذ لا يعرف إلا ما هو فيه فإذا خرج مثلا الى مكان مغلق وقيل له ما هذا بالنسبة الى ما كنت فيه ظن أن لا أوسع من ذلك المكان، ثم قيل له ان هذا بالنسبة الى الأرض والسماء ضيق صغير أستبعد اذ لا يعرف غير ما هو فيه فلما رأى الأرض والسماء ظن أن لا أوسع منها فاذا قيل له هما بالنسبة الى ما في علم الله شيء حقير وفي الجنة كذا وفي علم الله كذا مما هو بالنسبة الى قدرة الله وعظمته حقير، فقد يستعظم ذلك.

  وسبب جميع ما ذكر أن الانسان يقيس ما لا يعرف على ما يعرف من هذه الدنيا مع أنها دار البلوى والامتحان والاختبار لا دار التفضل والانعام وأما السمع فكم وكم ورد في كتاب الله تعالى وسنة نبيه ÷ من عظم صنع الله وقدرته وأعظم ذلك قوله {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ}⁣[السجدة: ١٧] وقول⁣(⁣١) رسول الله ÷ «ان في الجنة ما لا عين


(١) أخرجه الطبراني في الكبير عن سهل بن سعد وضعفه السيوطي.