رضاء رب العباد الفاتح لباب كنز الرشاد،

محمد بن مطهر الغشم (المتوفى: 1355 هـ)

فصل

صفحة 419 - الجزء 1

  العذاب والفوز بالثواب (حتى يكون أبلغ من الندم على ما أخطأ فيه وقصر من أمور دينه وأبلغ حسب الامكان) قال جار الله الزمخشري | ما يأتي ذكره وما أوردت قوله هنا إلا ليعلم المطلع كيف منزلة الدنيا عنده ومنزلة الآخرة لأن النفس تميل الى الدنيا فليحذر منها وذلك في تفسير قول الله تعالى {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ}⁣[التوبة: ٢٤] الآية وهذه آية شديدة لا يري أشد منها كأنها تنعي على الناس ما هم عليه من رخاوة عقد الدين واضطراب حبل اليقين فلينصف أورع الناس وأتقاهم من نفسه هل يجد عنده من التصلب في ذات الله والثبات على دين الله ما يستحب له دينه على الآباء والأبناء والاخوان والعشائر والمال والمساكن وجميع حظوظ الدنيا ويتجرد منها لأجله أم يزوي الله عنه أحقر شيء منها لمصلحة فلا يدري أي طرفيه أطول ويغويه الشيطان من أجل حظ من حظوظ الدين فلا يبالي كأنما وقع على أنفه ذباب فطيرة.

  أراد بهذا الكلام أن العبد يكون شديد الجزع على ما فاته من الدنيا وأن قل قليل المبالاة في أمر الدين وأن جل إلا من وفقه الله تعالى نسأل الله التوفيق الى رضاه آمين.

  ألا فليحذر العبد من نفسه وشيطانه (ويتوب من كل ذنب بعينه) ولكل ذنب توبة بحسبه وعلى مقتضاه (وإلا فمن جميع ذنوبه جملة مع عدم انحصارها) لأن بعضها يكون بالقلب خاصة كالكفر والنفاق والبدعة واضمار الخدع للناس والكبر والفخر والعجب والتجبر وحب الثناء والسمعة وحب الدنيا الذي هو رأس كل خطيئة ومنها الحسد والبغي والحيل والشره والحرص على الشهوات