السفينة المنجية في مستخلص المرفوع من الأدعية،

الإمام أحمد بن هاشم (المتوفى: 1269 هـ)

الباب السادس والثلاثون: في ذكر شيء مما ورد في عيادة المريض وتلقين المحتضر

صفحة 208 - الجزء 1

  نفسه ودعته إلى طبعها من التساهل، وكثير ممن هذا شأنه يموت غير مرضي الحال والعياذ بالله، ولو لم يكن مما يترقبه الإنسان من الأمور المستقبلة إلا الموت لكفى به عظة باهرة وردعة قاهرة، فإن انتقال الإنسان من الحيوانية إلى الجمادية يتعقل العاقل أن فيه من الشدة ما لا مزيد عليه، فإن الموت في اللغة: السكون، فيلحق الحي بالساكنات الجمادات، لا قوة إلا بالله، وهذه النقلة من هذه الصفة إلى هذه الصفة لا يخفى بعد ما بينهما وعدم تلاؤمهما إلا بعذاب للبدن وتغيير إلا ما وقى الله تعالى ولطف، نسأل الله تعالى تيسير ذلك وتسهيله.

  روى أبو عبدالله أحمد بن أبي بكر بن فروخ القرظي الأنصاري في كتابه العظيم (التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة) بطريقه قال: «إن الله سأل خليله إبراهيم (~ وعلى نبينا وآله) بعد موته، فقال: يا خليلي كيف وجدت الموت؟ فقال: كَسفُّود محمى جعل في صوف رطب ثم جذب، قال تعالى: أما إنا قد هونَّا عليك».

  وروي أن موسى ~ لما صار روحه إلى الله تعالى، قال: «كيف وجدت الموت؟ قال: وجدت نفسي كالعصفور الحي حين يلقى في المقلى لا يموت فيستريح ولا ينجو فيطير»، فانظر إلى شدة انتهاب الروح وجَذبه من البدن، نسأل الله تعالى بمنّه ولطفه أن يهوّن تلك الكرب علينا، ويسهل شدائد هول المطلع فهو