بحث في الزيارة والتوسل:
  لشهداء أحد وأهل البقيع، وتعليمه كيفية الزيارة برواية الصحاح وغيرها.
  وأما التوسّل(١) فكفى بقول الله في مُحْكَمِ تنزيله على رسوله: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا ٦٤}[النساء: ٦٤]، {وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَلَا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ}[التوبة: ٩٩] ... الآية، {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ}[التوبة: ١٠٣]، فلا يسوغ لمؤمن بالله ورسوله أن يجعل ذلك كالتوسّل والاستشفاع بالأوثان، واعتقاد تقريبها إلى الله زلفى، {تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ ٦}[الجاثية: ٦]، وما ورد في الأخبار الصحيحة من استسقاء عمر بن الخطاب بالعباس بن عبد المطلب بلفظ: إنا نتوسّل إليك بعمّ نبينا فاسقنا. هكذا أخرجه البخاري وأقرّه على ذلك الصحابة كافّة، والعلّة في الحيّ والميّت واحدة، فلا يحلّ الإشراك بحيّ ولا بميت، ولا بدعائه ولا بغيره، وفضيلة الميت وحرمته عند الله ø باقية، وليس الغرض أنه ينفع أو يضرّ هو، إنما النفع والضرّ من الله، والأمر كلّه لله تعالى، وأيضاً(٢) فإن بلال بن الحارث الصحابي ذهب إلى القبر الشريف وقال: يا رسول الله استسق لأمتك، فقال له النبي ÷ - في النوم -: أخبر عمر أنكم مسقون، فأخبره بذلك ولم ينكر عليه أحد، أخرجه ابن أبي شيبة بسند صحيح، وإنما ترك الصحابة الاستسقاء عند القبر النبوي لأن المشروع في ذلك أن يكون في الجبّانة، فاستسقوا بالعباس عمه ¥، وأنواع الطاعات كثيرة ولا حَجْرَ ولا قَصْرَ.
  وقصة الأعمى الذي قال له الرسول الله ÷: قُلْ: «اللهمّ إني أسألك
(١) البحث مستوفى في الرسالة الصادعة بالدليل في الردّ على صاحب التبديع والتضليل، تأليف والدنا الإمام الحجّة مجدالدين بن محمد المؤيدي (ع).
(٢) هذا جواب عن قولهم لماذا لم يتوسلوا عند قبر الرسول ÷. تمت من المؤلف (ع).