التحف شرح الزلف،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

أسلوبه، وغزارة علمه، ومؤلفاته:

صفحة 455 - الجزء 1

أسلوبه، وغزارة علمه، ومؤلّفاته:

  ومهما أنسَ من شيءٍ لا أنسى أسلوبه الحسن، وطرائقه الفذّة في التدريس، والتلقين بالتوضيح والتفهيم، والصبر على طبع المعاني في قرارة نفوس الطلبة، وتصويرها الممتاز، والتنازل إلى حدّ أن تهال عليه المناقشة والاعتراضات، فيرسلُ عليها أشعّةَ أنواره، وصحاح علومه وآرائه، فتنسخ غياهبها، وتَقْطَعُ شجونها، فيتحوّل المُعْتَرِضُ مُقْتَنِعاً رَاضِياً مُسْتَسْلِماً، لكنّه آمِنٌ من مَغَبَّةِ الخَطَلِ والخَطَرِ، مُسْتَلْزِماً لِنَتَائِجِ مُقدّماته في الورد والصَدَر، على هذا أنه دائم البحث في الدفاتر، مُنَكّتاً عن ذخائر النفائس والجواهر، مُشْرِفاً على هَمَسَاتِ الأَفْكَار والخواطر، وفَلَتَاتِ الأصَاغِرِ والأَكابِر، مُمَيّزاً الصحيح من الرّدي، كاشفاً عن وَجْهَي الشناعة والوضي، إنْ ردّ أَفْحَمَ، أو استدلّ أجادَ وأفعمَ، أو جُورِي سبقَ، أو اسْتُمْطِرَ تدفّقَ.

  هو البَحْرُ من أيّ الجهاتِ أَتَيْتَهُ

  بغزارةٍ في المادّة، وقوّةٍ في العارِضة، وبُعْدٍ في النّظر، وإِجَازَةٍ في وَجَازَةٍ، وسُهُوْلَةٍ في جَزَالَة، وطَلَاوَةٍ في بَلَاغَةٍ، وإِبْدَاعٍٍ في الإختراع، وَسَعَةٍ في الإطّلاع، وَوُقُوفٍ عند الحدّ، وتَصْمِيْمٍ في دَعْمِ كيان الحقّ، واقْتِحَام في غمار الفحول، وانْقِضَاض للأَخْذِ بِتَلَابِيْبِ الجَهُوْلِ إلى حَضِيْرَةِ المعقول والمنقول، كم نَعَشَ حُكْماً دَفِيناً من بين أَطْبَاقِ الحضيض، وعدَّلَ في مهارَةٍ لتثقيف أَوَدَ القول المهيض، مع نَظْمٍٍ فائِقٍ، ونَثْرٍ مُسْجع متعانق، وحلّ لمُشْكِلٍ، وبرء لمعضل، وتبيين لمجمل، وتوضيح لمبهم، وجَمْعٍ لمفْتَرِقٍ، وقَيْدٍ لآبدَةٍ، وسَيْطَرَةٍ على شَارِدَةٍ، وإيرادٍ في إقْنَاعٍ، وَدَعٍ للخَصْمِ في أَجَمِ الإنْقِطَاعِ، والحالُ يَشْهَدُ والعيان فَوْقَ البيان.

  هذه مؤلّفاته سافِرَةٌ، وآثارُه الباهرةُ ظاهرةٌ، هذه المقدّمة بين يديكَ منظومته المسمّاة: (بالزلف الإمامية) وشرحها (التُّحَفُ الفَاطِمِيَّة)، وله كتاب (لوامع الأنوار في جوامع العلوم والآثار) وإنها لهي كواكب ساطعة، تهدي إلى غاية المآرب