مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم العيانى،

القاسم بن علي العياني (المتوفى: 393 هـ)

[مسألة الجمع بين الصلاتين]

صفحة 186 - الجزء 1

  الجواب: اعلم أن اللّه تبارك اسمه، خلق هذا القمر مما شاء كما شاء، وقدره كما أخبر منازل، عدتها ثمانية وعشرون منزلة، فمنها أربع عشرة يزيد فيها، حتى يبلغ أربع عشرة ليلة، وينتهي ويتم، ومنها أربع عشرة ينقص في كل ليلة منها، مما كان يزيد سواء حتى يكون ليلة تسع وعشرين ليلة، ويرجع في النجم الذي بدأ به، وينتهي في النقص، وعند ذلك يكون كالعرجون القديم، كما شبهه به اللّه سبحانه، والعرجون فهو: من عراجين النخل المعروفة، فما قدم منها وتناها في القدم، كان أشد انحناء مما لم يقدم، ومعنى التقدير من اللّه جل اسمه للأشياء، فهو: التصوير لها والإنشاء، فاعلم ذلك وقيت الأسواء.

  و [سألت] عن السماوات العلى هل هن مطبقات بالأرض أم لا؟

  الجواب: اعلم أن اللّه تبارك اسمه لم يكلفنا معرفة ما سألت عنه، ولم يفرضه علينا، وليس عندنا من اللّه جل اسمه في ذلك علم عرفنا به، إلا ما يروى ويؤثر عن أمير المؤمنين ~، فإنه يروى عنه: «أن كلتاهما منفصلة من الأخرى، وأن بينهما من البعد مالا يعلم علمه إلا خالقهما، وأن جميع هذه الأفلاك الدائرة، فإنما دورانها بالأرض، فمرة تأتي عليها، ومرة تأتي من تحتها، والأرض فمحيط فيها الأهوية، ولا يعلم ما وراء الأهوية إلا رب الأرض والسماء، قصرت عن ذلك علوم العلماء، وانحسرت من دونه أفهام الفهماء، فلا يعلم غيب السماوات والأرض إلا اللّه كما ذكر سبحانه، والغيب فهو: كل ما لم يعاينه المخلوقون، ولم يعرّفهم به الخالق على ألسن المرسلين، عليهم صلوات رب العالمين».