مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم العيانى،

القاسم بن علي العياني (المتوفى: 393 هـ)

[مسائل علي بن خراش]

صفحة 203 - الجزء 1

  كما ذكرت، فمنهم من يدعي وإذا طولب بالبينة لم يقمها، ومنهم من يدعي ويقيم البينة، والحق لذوي البينات، لا لذوي الدعاوى، وأهل الحق فبينتهم محكم كتاب اللّه، الذي يجمع عليه المخالف والموافق، وسنة رسول اللّه ÷ المجمع عليها أيضا، وحجة العقل، وليس تحتاج إليها إلا إذا ورد خبران متضادان عن رسول اللّه ÷ أحدهما فيه رخصة، والآخر فهي غلظة، فأبعدهما من الريب يشهد له العقل بالصحة.

  وفي مثل ذلك ما يروى عن رسول اللّه ÷ أنه: «وصل إليه رجل يقال له: وابصة، ورسول اللّه # في حشد من الناس، فوقف الرجل بين يدي النبي #، ولم ير له مجلسا، فأدناه النبي ÷ وقال: يا وابصة أتخبرني عما أتيت له، أو أخبرك؟! فقال: بل تخبرني يا رسول اللّه! قال: يا وابصة أتيت تسأل عن الخير والشر.

  فالخير ما اطمأن إليه قلبك، والشر ما كرهته نفسك، وإن أفتاك المفتون، وإن أفتاك المفتون» يكرر هذا القول، مع ما يشهد اللّه به لذوي الألباب والعقول، فكل أولئك يخاطبهم بما أعطاهم من ذلك، وبهذه القرائح تمييز الخير من الشر، والجيد من الرديء، والمليح من القبيح، والأجناس كلها بعضها من بعض، وإنما أجريت لك ذلك، لتعلم أن حجة العقل أضوأ بينة للمحقين، وإن كان لا أرفع قدرا من كتاب اللّه رب العالمين، إذ هو نجاة من آمن به، وسلّم من اتبع سبيل نهجه، فاتبع أيها الأخ - أكرمك اللّه - من الفرق التي ذكرت، من أقام البينة، فأولئك أهل الحق، ومن سواهم في