كتاب التنبيه والدلائل
  رسول ~، فإنه يقر بذلك، ولا يجد عن الإقرار به معدلا، فإذا أقر بذلك، فقل له: أليس قد أخذ رسول اللّه ~ وعلى اللّه وسلم من خمسة أوسق العشر، أو نصف العشر مما يسقى بالدلا، وعلم ذلك من سيرته وأجمع عليه، فلا بد له من الإقرار بذلك، فإذا أقر لك بالحب، فسله عن التبن: هل أخذه كما أخذ الحب، فإن قال لك: لم يأخذه فقد كسر على من زعم أنه أخذه من ولده، وتأول غير تأويله ~ وعليهم، وإن قال لك: أخذه، فسله أن يبين على ذلك، ولن يبين عليه أبدا، إلا أن يرجع إلى الدعوى على الأئمة، فيقول: الأئمة قد أخذوه ولم يأخذوه، حتى صح لهم أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وعليهم وسلم أخذه، فإذا ادعى ذلك على الأئمة، فسله البينة على ذلك، فلن يبين عليه أبدا بيانا تقبله علماء الأمة، فضلا عن حكماء العترة.
  فهذا يا أخي - أرشدك اللّه - احتجاج على من فنّد رأي في ترك ما لم يقم به بينة، ولا آمر هذا السمج بإخراج ما لم تلزمه الحجة بإخراجه، ولكني آمره فيما اشتبه عليه من الأحوال، وتضاد فيه الإجماع، ووقع فيه النزاع، أن يثبت على حاله متطوعا ومستحيطا، فإنه لن يعدم عند اللّه ما طلب من الثواب واللّه يقول عز من قائل: {فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ}[البقرة: ١٨٤]. ولا سيما إن اتفق ذلك في زمان إمام وغيره من خالص ماله، فإني أبشره إذ ذلك بما وعده من لا يخلف الميعاد، وذلك قوله ø: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ