السرقات الشعرية وما يتصل بها
  وإذا أتتك مذمتي من ناقص ... فهي الشهادة لي بأني كامل
  فإن ذم الناقص أبا الطيب كبغض من هو غير طائل الطرماح، وشهادة ذم الناقص أبا الطيب كزيادة حب الطرماح لنفسه.
  وليس بضائر في التشابه اختلاف الغرضين كأن يكون أحدهما نسيبا والآخر مديحا أو هجاء أو افتخارا، فإن الحاذق من يتحيل في إخفاء مأخذه بتغيير لفظه والعدول عن الوزن والقافية.
  ٥ - النقل، وهو أن ينقل معنى الأول الى غير محله، كقول البحتري:
  سلبوا فشرقت الدماء عليهم ... محمرة فكأنهم لم يسلبوا(١)
  نقله المتنبي الى السيف فقال:
  يبس النجيع عليه وهو مجرد ... عن غمده فكأنما هو مغمد(٢)
  ٦ - أن يكون معنى الثاني أشمل من معنى الأول، كقول جرير:
  اذا غضبت عليك بنو تميم ... وجدت الناس كلهم غضابا
  أخذه أبو نواس، وعمم فيه، فقال، يستعطف الرشيد لما سجن الفضل البرمكي:
  وليس على الله بمستنكر ... أن يجمع العالم في واحد
  ٧ - القلب، وهو أن يكون معنى الثاني نقيض معنى الأول، كقول أبي الشيص:
  أجد الملامة في هواك لذيذة ... حبا لذكرك فليلمني اللوم
  قلبه أبو الطيب فقال:
  أأحبه وأحب فيه ملامة ... إن الملامة فيه من أعدائه(٣)
(١) يريد أنهم سلبوا ثيابهم فكانت الدماء الملابسة لاشراق الشمس بمنزلة الثياب لهم.
(٢) النجيع الدم الماثل الى السواد، يريد أن الدم اليابس صار بمنزلة الغمد له.
(٣) الاستفهام فيه للانكار، وجملة وأحب فيه ملامة حالية، والانكار راجع للجمع بين محبته ومحبة الملامة فيه.