علوم البلاغة (البيان المعاني البديع)،

أحمد بن مصطفى المراغي (المتوفى: 1371 هـ)

السرقات الشعرية وما يتصل بها

صفحة 372 - الجزء 1

  فأبو الشيص يصرح بحب الملامة من حيث اشتمال اللوم على ذكر المحبوب، وهذا محبوب له.

  والمتنبي صرح بكراهتها لصدورها من أعدائه، وكل ما يصدر من العدو فهو مبغوض، فكل منهما نحا منحى غير الآخر.

  ٨ - أن يؤخذ بعض المعنى، ويضاف اليه زيادة تحسنه، كقول الأفوه الأودي:

  وترى الطير على آثارنا ... رأي عين ثقة أن ستمار

  مع قول أبي تمام:

  لقد ظللت عقبان أعلامه ضحى ... بعقبان طير في الدماء نواهل⁣(⁣١)

  فقد أفاد الأفواه بقوله: رأى عين قربها، لأنها اذا بعدت تخيلت ولم تر، وهذا القرب إنما كان لتوقعها الفريسة، وبقوله: ثقة أن ستمار، تأكدها مما هي طامحة اليه.

  أما أبو تمام فلم يحم حول هذا، ولكنه زاد عليه قوله: إلا أنها لم تقاتل، وقوله: في الدماء نواهل، ثم بإقامتها مع الرايات حتى كأنها من الجيش، ومن أجل هذا حسن أن يقول: إلا أنها لم تقاتل، وهذه الزيادة أكسبت كلامه حسنا وطلاوة، وإن كان قد ترك بعض ما ألم به الأفوه.

  (تنبيه) الأنواع التي ليس الأخذ فيها ظاهرا مقبولة كلها، بل منها ما يدق فيه الصنع ويخفى فيه مكان الأخذ حتى يخرج بحسن التصرف وجودة السبك من حيز الأخذ والاتباع، الى أن يكون أشبه بالاختراع والابتداع.

  أما ما يتصل بالسرقات الشعرية، فهو: الاقتباس، والتضمين، والعقد، والحل، والتلميح:

  ١ - الاقتباس، أن يضمن المتكلم منثوره شيئا من القرآن، أو الحديث،


(١) إضافة عقبان الى الأعلام من إضافة المشبه به للمشبه أي الأعلام التي هي كالعقبان في تلونها وفخامتها لأن الأعلام بمعنى الرايات فيها ألوان مختلفة كالعقبان، وقوله بعقبان طير متعلق بظللت أي انها لزمت فوق الأعلام فألقت ظلها عليها، والنواهل من نهل اذا روى.