[رواية أخرى]
  ويولون السفهاء، ويظاهرون أهل الريب والردى، يقلّدون أمرالمسلمين اليهود والنصارى، جبابرةً عتاة، يلبسون الحرير، وينكحون الذكور، فكيف لا يغضب أولو النهي؟، أم كيف يسيغ الطعام لأهل البر والتقوى؟، قد دُرِسَ الكتاب فأُوّل على غير تأويله، وغُنِّيَ به على المعازف فحرّف عن تنزيله، فلم يبقَ من الإسلام إلا اسمه، ولا من القرآن إلا رسمه، فلو أن مؤمناً تقطّعت نفسه قِطَعاً، أما كان ذلك الله رضا؟ بل كان بذلك عندي جديراً، فروحوا بنا إلى الله واصطبروا لله، فوالله إنَّ الراحة منهم ومن المقام معهم في دارهم لراحة، والجهاد عليكم فريضة، فقاتلوهم فإنَّ الله قد فرض عليكم جهادهم، واصبروا أنفسكم ف {اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ ٤}[الصف: ٤]، وكونوا ممن أحبَّ الله والدار الآخرة؛ وباين أعداءه، وأحبّ وآثر لقاءه، عصمنا الله وإياكم».
[رواية أخرى]
  وحدثني هارون الوشّاء، قال: حدثني عبد العزيز بن يحيى الكناني - ويُقال إنّه كان من الدعاة إلى يحيى بن عبد الله - قال: لما صار الحسين بفخ، خرج يحيى على فرسه يحرّض الناس، فقال بعدما حمد الله: «أبشروا معشر من حضر من المسلمين فإنَّكم أنصار الله وأنصار كتابه وأنصار رسوله وأعوان الحق، وخيار أهل الأرض، وعلى ملّة الإسلام ومنهاجه الذي اختاره لأنبيائه المرسلين وأوليائه الصابرين، أوَ مَا سمعتم الله يقول: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ}، إلى قوله تعالى: {وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ١١٢}[التوبة: ١١١].
  ثم قال: والله ما أعرف على ظهر الأرض أحداً سواكم؛ إلا من كان على مثل رأيكم حالت بينكم وبينه المعاذير، إما فقيرٌ لا يقدر على ما يحتمل به إلينا؛ فهو يدعو الله في آناء ليله ونهاره، أو غنيٌ بَعُدَتْ داره منّا فلم تدر كه دعوتنا، أو محبوس عند الفسقة وقلبه