[حال الخادم (أبو المهاصر)]
  استرحْتُ، ثم قبضَ على حلقي، حتى فعل بي ذلك ثلاث مرات؛ ثم قال: لولا أنه ليس في قتلك دَرك لقتلتك، ثم قال: ويْلَك من شتمت؛ أفاطمة بنت محمد، أم فاطمة بنت أسد، أم فاطمة بنت الحسين، أم زينب بنت أبي سلمة؟ ثم خلاّني فخرجتُ هارباً وفتحتُ الأبواب وقلتُ للبوّابين: ادخلوا فليس هذه قوة من لم يأكل سبعة أيام شيئاً؛ ففّتشوا البيتَ فأخرجوا بستوقة السمن، فأخذتها وأغلقتُ الأبواب، وتركتُه ثلاثة أيام ثم جئتُ ففتحت الباب الأول ولم أغلقه؛ وقلت للموكلين: إذا سمعتم صياحي فادخلوا، ثم فتحتُ الباب الثاني والثالث؛ فتسمّعْت طويلاً فلم أسمع له حركة، فتركتُ الأبواب مفتوحة ودخلتُ، فإذا هو ساجد قد انقلب على الجنْب وهو ميت، فخرجتُ إلى الموكلين فوجهت بهم إلى منزلي فأتوني بفرش ووسائد ومخادّ ومقرمة وإزار ثم بسطته، ولم أُدخل أحداً معي منهم، ثم قمتُ على ركبتيه حتي مددتهما، ثم سجّيته بثوب ثم خرجت وأغلقتُ الباب الخارج، وأتيت هارون فقلت: أعظم الله أجرك يا أمير المؤمنين.
  قال: فيمن. قلت: في ابن عمك يحيى بن عبد الله.
  قال: وقد مات؟ قلت: نعم.
  قال: به أثر؟ قلت: لا.
  قال: فاذهب فادخل عليه شهوداً يشهدون على موته وادفنه، ففعل.
[حال الخادم (أبو المهاصر)]
  قال المدائن: حدثني عبد الله بن مروان، قال: رأيتُ والله أبا المهاصر - أسلم - هذا الخادم بعد الرشيد ومحمد الأمين يُتَصدّق عليه بسوء حال بعد نعمة عظيمة.