أخبار فخ وخبر يحيى بن عبدالله (ع) وأخيه إدريس بن عبدالله (ع)،

أحمد بن سهل الرازي (المتوفى: 310 هـ)

[خطبة يحيى # للشهود]

صفحة 87 - الجزء 1

  شهادتهم، وأنهم إن أبوا قُتِلوا واستصفيت أموالهم وسُبيت ذراريهم.

  قال: ما نصنع بهذا الكلام؟ لم يشهد هؤلاء بأجمعم على زور.

  فأيس يحيى من منعه وعلم أنه مُسَلِّمه، وظهر ميله إلى ما بُذِل له.

[خطبة يحيى # للشهود]

  قال: فاجمع بيني وبينهم حتى أكلّمهم بحضرتك.

  قال: ذاك لك، وطمع يحيى إن ذكرهم الله أن يرجعوا أو تختلف كلمتهم.

  فقال جستان لأبي البختري: احضرْ وأصحابك حتى تشهدوا على يحيى في وجهه. فاجتمعوا، ونُصب ليحيى كرسي فجلس عليه.

  فلما أخذوا مجالسهم ابتدأ يحيى عليه الصلاة والسلام، فقال:

  «الحمدلله على ما أولانا من نعمه، وأبلانا من محنه، وأكرمنا بولادة نبيه، نحمده علي جزيل ما أولى وجميل ما أبلى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة مقرً بوحدانيته؛ خاضع متواضع لربوبيته، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله انتخبه واصطفاه واختاره واجتباه؛ ~ وعلى آله أجمعين، أما بعد:

  معاشر العرب، فإنَّكم كنتم في حمض من الدنيا، بشرّ داروأضنك قرار؛ ماؤكم أجاج، وأكلكم ثماج⁣(⁣١) من العلهز⁣(⁣٢) والهبيد⁣(⁣٣)، والأعاجم لكم قاهرة، وجنودهم عليكم ظاهرة، لم يمنعهم من تحويلكم إلا قلّة خير بلدكم.


(١) ثماج وتُرْوى لماج، واللماج هو أدني ما يؤكل.

(٢) العلهز: وبر يخلط بدماء الحلم كانت العرب تأكله في الجدب، اللسان (٥/ ٣٨١).

(٣) الهبيد: الحنظل.