مجموع كتب الإمام الناصر أحمد بن الهادي،

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (المتوفى: 325 هـ)

[شبهة في قوله، {وأما ثمود فهديناهم}]

صفحة 282 - الجزء 1

  دعوناهم إلى الهدى، ونحن نُلزمكم أن الله قد خص بالدين قوماً دون قوم، وأن المؤمنين لم يكونوا يشكون في توحيد الله ولا في القيامة، وأن الكفار كانوا شاكّين جهلاء، لقوله ø: {أَلَا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَاءِ رَبِّهِمْ}⁣[فصلت: ٥٤]، وقوله عنهم: {لَوْلَا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ}⁣[البقرة: ١١٨]، وقوله: {ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ}⁣[النجم: ٣٠].

  الجواب قال أحمد بن يحيى ª: وسألت عن قول الله سبحانه وهو أصدق القائلين: {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ}⁣[فصلت: ١٧]، قطعتَ آخر الكلام الذي فيه انقطاع دعواك، وذلك أنك علمت أنك مقهور، وأن في آخر الآية فضيحتك وبراءة الله ø من فريتك، وما أسندت إليه وألزمته كفر ثمود وبرّأتهم منه.

  فافهم أيها الأعمى القلب، والمفارق للحق، [واسمع] إلى حجة الله جل ثناؤه على ثمود، التي أوجبتْ عليهم الخلود في النار الكبرى، بفعلهم وظلمهم واختيارهم، واتباع أهوائهم، لا فعله هو ولا تقديره، عزّ عن ذلك وتعالى!

  فقال يخبر محمداً صلى الله عليه عن كفرهم واختيارهم للعمى على الهدي وتركهم للهدي، عنى بالهدي: البيان والدعاء الذي أقررت به، فقال ø: {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى}⁣[فصلت: ١٧]. (أفلا ترى