مجموع كتب الإمام الناصر أحمد بن الهادي،

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (المتوفى: 325 هـ)

[شبهة في قوله، {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون 56}]

صفحة 307 - الجزء 1

  بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ ٤٢}⁣[الأنفال]، وقوله ø: {مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ}⁣[آل عمران: ١٧٩]. وكفى بهذا القول حجة شافية لمن عقل وأنصف! ولو لم تكن بينةٌ لم تلزم حجة، ولم تثبت حكمة، ولم يقم عدل، فهذا جواب مسألتك والحمد لله رب العالمين.

  وأما قولك: إنه يجوز أن تقول: إنهم خلقوا للنار على غير وجه الجبر، فليس هذا قولَ مَن له عقل ولا أدني معرفة، يحتاج أن يناظر بها الرجال، ومناظرة الرجال لا تكون بالمحال، لأنه ليس في محال القول حجة، ولا في المسألة عنه جواب. وإنه يلزمك إن جاز عندك أن يخلق الله ø خلقاً للنار على غير وجه الظلم والجبر، ويدخل المشركين الجنة على غير وجه الجور والجبر، ولا فساد في ذلك، ولا خروج من حكمة ولا عدل! وهذا أعظم ما يكون من العمى والتجاهل، والكفر والاستخفاف بدين الله جل ثناؤه وبكتبه.

  كذلك يلزمك أن يقول القائل لليل: هذا نهار، وللنهار هذا ليل، وللقائم هذا قاعد، وللقاعد هذا قائم، وللنائم هذا يقظان، ولليقظان هذا نائم، وهذا قول المجانين. فأما الأصحاء فلا يقولون كما قلت، وإنما ألجأك إلى هذا القول الاضطرار وعدم الحجة، والجهل بمعاني اللغة العربية، والحمد لله رب العالمين.