[شبه داحضة]
  وإن قالوا: هو شيء سوى منة الله، فسلْهم ما هو، فإنهم لن يصفوه لك، وإن تكلفوا لك شيئاً يَلذَون به، فإنه ليس له أصل.
  الجواب قال أحمد بن يحيى @: أما قولك يا عبد الله بن يزيد البغدادي لصاحبك، واعلم أنك لن تسألهم عن شيء هو أشدّ عليهم من هذا وأشباهه، وقولك في غير موضع من كتابك إن أهل العدل يفرّون من كلامك، وإنهم يعجزون عن جوابك، تُفرّح بذلك نفسَك وأصحابَك، فكان مثلك في القول مثل إنسان قال لجماعة وقد خرجوا في سفر: إذا صرتم في الدهناء في موضع كذا وكذا من الرمل حيث لا يعرف الماء، فإنه سوف يلقاكم نهرٌ عظيم كثير الماء، وحوله فواكه كثيرة، وعنده أُسودٌ خوادر، فكلُوا من تلك الثمار، واشربوا من ذلك الماء، بلا حساب ولا عاقبة سوء.
  وأما الأُسُود فإنها سوف تفر من لقائكم إذا رأتكم، فلا تهتمّوا بها، فذهبوا اتكالاً على قوله، وثقةً بنصيحته، وتقليداً له، فلما بلغوا الغائط الأمقّ من الدهناء، جَهدهم العطش والضر، ولم يجدوا نهراً ولا ثماراً، ووجدوا الأُسود، فساعةَ عاينتهم وثبتْ عليهم ففرستهم جميعاً، فلم يفلت منهم أحد، وكذلك هلك من قلّد الرجالَ دينَه بلا بيان، ولا حجة قاطعة، ولا بيّنة قاهرة، فهذا مثلك ومثل أصحابك، وما أعطيتهم من القول المحال، الذي ينتقص عليهم عند الرد وملاقاة الرجال.
  وأما قولك لأصحابك: إن من قولنا نحن أهل التوحيد والعدل: أن الله ø لا يكلف العباد إلا ما يستطيعون، فذلك قولنا، وإنك زعمتَ تسالنا با كلّفهم الله ø هذا الدين وما يستطيعون به؟