نهاية التنويه في إزهاق التمويه،

الهادي بن إبراهيم الوزير (المتوفى: 822 هـ)

[مقدمة قبل الجواب على متعلقات صاحب هذه المقالة]

صفحة 99 - الجزء 1

  خيال: قالوا: لم يوجد في اللغة أن مولى بمعنى الإمامة فلا يحمل عليه.

  جوابه: أنا إنما قلنا: أن أحد معاني المولى المالك للتصرف والأحق، وعليه مالا يحصى كثرة من منظوم ومنثور، ومنه ما مدح به الأخطل عبد الملك بن مروان⁣(⁣١):

  فأصبحت مولاها من الناس كلهم

  وإنما أراد مدحه بملك التصرف على الأمة وهذا هو معنى الإمامة، فصح ما قلناه، وبطل ما تعلقوا به.

  خيال: قالوا: الإمامة أمر شرعي لا يجوز أن يستفاد إلاّ من لفظ شرعي، ولفظة مولى لغوية، فلا يجوز أن تفيد المعاني الشرعية، وهذا الاعتراض لقاضي القضاة.

  جوابه: أن ما ذكره خارج عن قول الفقهاء وسقيم في نفسه؛ لأن الأحكام الشرعية تارة تستفاد بالألفاظ الشرعية، نحو لفظ الزكاة والصلاة والحج، وتارة بالألفاظ اللغوية، نحو قتل المشركين، وسبيهم، وتحليل ذبح الذبائح، ولباس الزينة عند المساجد، وغير ذلك، بل أكثر الأحكام الشرعية مستفادة من الألفاظ اللغوية، وقليل منها يستفاد من الألفاظ الشرعية، وقد ذكر قاضي القضاة وغيره أن الأحكام الشرعية تستفاد من الألفاظ اللغوية


(١) عبدالملك بن مروان بن الحكم، ولد سنة ٢٦ هـ بالمدينة، وأمه عائشة بنت معاوية بن الوليد بن المغيرة بن العاص بن أمية.

ولي الخلافة بعد أبيه بعهد منه، قضى على حركة مصعب بن الزبير، ووجه الحجاجَ بن يوسف الثقفي لقتال عبدالله بن الزبير، فسار إليه في جمادى الأولى سنة ٧٢ هـ فلما وصل مكة حصر ابن الزبير بها ورماها بالمجانيق، وانتهى الأمر بمقتل عبدالله بن الزبير، وهو الذي ولّى الحجاج بن يوسف الثقفي على العراقين سنة ٧٥ هـ، توفي عبدالملك في شوال سنة ٨٦ هـ.