نهاية التنويه في إزهاق التمويه،

الهادي بن إبراهيم الوزير (المتوفى: 822 هـ)

[خبر فدك]

صفحة 164 - الجزء 1

  حتى قال #: (بلى، كانت في أيدينا فدك فشحت⁣(⁣١) عنها نفوس قوم، وسخت⁣(⁣٢) عنها نفوس آخرين، ونعم الحكم الله، وما أصنع بفدك وغير فدك؟ والنفس مظانُّها⁣(⁣٣) في غدٍ جدثٌ⁣(⁣٤)، تنقطع في ظلمته آثارها، وتغيب أخبارها)، الكلام المشهور إلى آخره.

  قلت: وفي هذا الكلام ما يدل على أن نزع أبي بكر لفدك من يد فاطمة & لم يكن بطريقة شرعية⁣(⁣٥)؛ لأنه # قال: (فشحت عنها نفوس قوم)، والشح لا يدخل في الأحكام الشرعية، فلا يقال إذا حكم القاضي لأحد الخصمين على الآخر بشيء: شح القاضي على الخصم الآخر الذي لم يحكم له، بل يعد من قال ذلك ظالماً للقاضي، ناسباً إليه الجور في قضائه وحكمه، فلو كان انتزاع أبي بكر فدكاً بحكم الله على ما زعم، ما ساغ لعلي # أن يقول: شحت نفس أبي بكر بفدك علينا، فسخت نفوسنا بها، ولينظر الناظر إلى قوله #: (ونعم الحكَم الله)، لا بد أن يكون في ذكره لهذه الكلمة فائدة وغرض، فإن كان أبو بكر محقاً في أخذه لفدك، فلا فائدة لهذا التألم، بل لأبي بكر أن يقول: نعم الحكم الله بيني وبينكم، تعتقدون فيَّ الظلم والجور؟ وأنَا من ذلك براءٌ، فالله نعم الحكم في الاستنصاف لي من تجويركم، ونسبتكم


(١) أي: بخلتن من هامش (أ).

(٢) أي سمحت وأغْضت، من هامش (أ).

(٣) المظان: جمع مظنة وهي موضع الشيء ومألفه الذي يكون فيه، من هامش (أ).

(٤) والجدث محركةً: القبر. تمت (ق).

(٥) في (ج): لم يكن طريقة شرعية.