[ترجيح مذهب الأئمة عليهم على غيره]
  إلاّ وهم شركاء في دمائهمُ ... كما تشارك أنسار على جزر
  قتلاً وأسراً وتشريداً ومنهبةً ... فعل الطغاة(١) بأهل الروم والخزر
  هذا الملقب بالرشيد، مات وقد حصد شجرة النبوة، واقتلع غرس الإمامة، وما من أهل البيت $ إلاّ من جُرّ عن معركة قتيلاً، أو كُبّل أسيراً، أو طرد عن عقر داره.
  هذا القاسم بن إبراهيم #، كان يطوف في الآفاق جائعاً، وبينا هو في بيت أسكاف(٢) إذ سمع الصائح يطوف في الأسواق، وهو يقول: برئَت الذمة ممن آوى القاسم بن إبراهيم، ومن دلّ عليه فله كذا وكذا من المال، وذلك الأسكاف مطرق في عمله، فقيل له في ذلك، فقال: والله لو كان تحت قدمي هذه ما رفعتها، أو كما قال.
  ولما خرج بآل الحسن من المدينة، موثّقين بالقيود على الهوادج، فيهم عبد الله بن الحسن الشيبة الطاهرة، في عصابة من أهل بيته وأعمامه وبني أعمامه، وأمر جعفر الصادق بعض غلمانه، وقال له: اذهب فإذا حملوا آل الحسن فأخبرني، فجاء، فأخبره، فوقف من وراء ستر ينظر من ورائه ولا ينظره أحد، فرأى عبد الله بن الحسن في محمل، وجميع أهل بيته كذلك، فلما نظر إليهم جعفر #، هملت عيناه، حتى جرت دموعه على لحيته، وقال: والله لا تحفظ حرمة بعد هؤلاء.
  ولما حملوهم في المحامل وأخرجوهم من المدينة، قال بعض أهل الولاية:
  من لنفس كثيرة الإشفاق ... ولعين كثيرة الإطراق
  جمدت للذي دهاها زمانا ... ثم جادت بدمعها المهراق
(١) الغزاة، نخ.
(٢) الأسكاف الخرّاز، والجمع أساكفه، ويقال عند العرب كل صانع. تمت مصباح، من هامش (أ).