[تأمل في بعض المذاهب للإيضاح]
  ونحن نعلم ضرورة من الشرع صون الدماء وحياطتها، ونعلم من حال الصدر الأول من الصحابة ¤ أنهم كانوا لا يتجاسرون على إراقة محجمة من دم إلاّ عن تحقيق وبصيرة بنص قاطع.
  فهذا ما أردنا ذكره من سيرة هؤلاء العيون، وأنظار هؤلاء الفضلا، وليس ما ذكرناه خطاً من أقدارهم، ولا تقصيراً فيما رفع الله من منارهم، ومصداق ذلك ما روي عنه ÷ حيث قال: «لا تسترذلوا العلم، فإن الله لم يسترذله حيث آتاه من آتاه»، وفي حديث آخر: «ما استرذل الله عبداً إلا حظر(١) عليه العلم».
  فهم فضلاء الأمة، والمخصوصون بعلم الشريعة، خلا أن التنبيه على أن كل واحد منهم قد مال عن السنن الواضح بعض الميل، وصغى إلى الخروج بعض الصغو، وأئمة العترة لا يكاد يوجد لهم مثل ذلك.
  فتحصَّل من مجموع ما ذكرناه رجحان مذهبهم على غيرهم من المذاهب، وأنهم أحق بالتقليد، لما ذكرناه من هذه البراهين التي لا توجد في غيرهم، وفيما ذكرناه كفاية لمن أراد البصيرة(٢) وعزل عن نفسه جانب الحمية».
  هذا كلام الإمام المؤيد بالله يحيى بن حمزة بن رسول الله ÷، وسكت عن ابن حنبل، والمشهور عنه القول بالتشبيه، وأظن [أن] قد أشار إلى ذلك في «الانتصار».
(١) أي حرم.
(٢) التبصرة، نخ.