نهاية التنويه في إزهاق التمويه،

الهادي بن إبراهيم الوزير (المتوفى: 822 هـ)

[تأمل في بعض المذاهب للإيضاح]

صفحة 266 - الجزء 1

  قلت: وقد ذكر الفقيه محمد الديلمي في ترجيح مذهب العترة المطهرة وجوهاً كثيرة، لا يسعها إلاّ تأليف مستقل بذاته، ثم إنه ذكر الفقهاء الثلاثة، أبا حنيفة، والشافعي، ومالك، ونزههم عن القول بالجبر، وقال: ثبت عند من عرف الأخبار، واتبع السير والآثار، أنه ما كان لأبي حنيفة ومالك والشافعي كتاب موضوع في أُصول الدين حتى أخذ هؤلاء اعتقادهم منه⁣(⁣١)، بل هذه الكتب كلها محدثة، ومذهبهم ومذهب كل السلف كان ذم الكلام، حتى روي عن الشافعي أنه قال: من عرف الله بالكلام تزندق، وقد حمله الرازي في مناقبه على أن المراد به كلام أهل البدعة.

  قال الديلمي: ومن أصحاب الشافعي المعروفين بالنزاهة عن القول بالجبر، والقائلين بالتوحيد والعدل، على القانون المرضي، المزني، والبويطي، والربيع، وحرملة، وأبو بكر الصيرفي، وأبو بكر الدقاق، وأبو بكر الشاسي، وغيرهم.

  قال: وأيضاً قد ذكرنا أن مذهب الأشعري حدث بعد الشافعي، فكيف يكون الشافعي عليه؟! وهذه مناقضة ظاهرة، فإذا تعارضا تساقطا.

  واحتج على أن الشافعي كان زيدياً في الأصول لوجوه خمسة، ليس هذا موضع ذكرها، لبسطة الكلام في شجونها، والذي يدلك على ما قلناه من سلامة عقائد الفقهاء المذكورين، هو ما علم أن مذهب الحنفية في الزمان القديم مذهب المعتزلة، ومذهب المعتزلة قاطبة في الفروع مذهب أبي حنيفة، قال: وحنفيّة زماننا على الجبر المحض، وكذا الشافعية في زماننا، بعضهم على مذهب الأشعرية، وبعضهم على مذهب المشبهة الظاهرية، ولا شك أن المشبهة كفار عند الأشعرية.


(١) في (أ) و (ب) و (ج): فيه، وفي (أ): منه، تحت علامة (ظ).