نهاية التنويه في إزهاق التمويه،

الهادي بن إبراهيم الوزير (المتوفى: 822 هـ)

[بعض فضائل الهادي #]

صفحة 269 - الجزء 1

  سائقها وقائدها، ثم ذكر فتنة بين الثمانين ومائتين، فيخرج رجل من عترتي اسمه اسم نبي، يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً، يميز بين الحق والباطل، ويؤلف الله قلوب المؤمنين على يديه، كما تتألف قزع⁣(⁣١) الخريف، انتظروه في الأربع والثمانين ومائتين، في أول سنة واردة وأخرى صادرة).

  قال الفقيه حميد: ومن نظر في الأمور، علم أنه # المراد بالخبر، لأنه وصل اليمن سنة أربع وثمانين ومائتين، وكانت الفتنة قد ثارت⁣(⁣٢) في اليمن، فأطفأها الله بوصوله #.

  قالوا: إن هذا الخبر المروي عن علي # صرح أن هذا القائم المشار إليه يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً، والهادي لم يملأ من الأرض عدلاً إلاّ أرض اليمن دون سائر الأرض، فليس الخبر على ظاهره.

  قلنا⁣(⁣٣): إن الأرض قد يطلق ذكرها ويراد بعض الأرض، كما قال تعالى: {ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ}⁣[المائدة: ٢١] وأراد بها أرض بيت المقدس دون غيرها، مع أن الأرض


(١) القزع: القطعة من السحاب.

(٢) قوله: وكانت الفتنة قد ثارت في اليمن من خط علامة الشيعة علي بن حسن بن حسين جميل |، ما لفظه:

الفتنة الثائرة باليمن عند وصوله # هي كانت بين قبيلتين من قبائل صعدة المقدسة قد ذكرها صاحب سيرته #، فوصل في ذلك اليوم وقد كادت الحرب بينهم أن تنشب ومراجلهم تغلي فأصلح # بينهم بعد ما وعظهم وخطب فيهم فاصطلحوا، ولم يرجع إلى رحله إلاّ وقد إختلطوا وطابت نفوسهم وبايعوه جميعاً، وهذا فائدة الخبر المروي فيه #، يؤلف بين قلوب المؤمنين على يديه، من هامش (أ).

(٣) من كتاب تفسير الشريعة لورّاد الشريعة تأليف القاضي العلامة أحمد بن صالح بن أبي الرجال |، ما لفظه ولعلك:

تقول أرشدك الله: أن يحيى # لم يملأ الأرض جميعها، وتتوهم أن معنى إمتلاء الأرض بالعدل أن لا يوجد جَوْر.

وهذا أبقاك الله ما قد اتفق للأنبياء فإن الله تعالى يقول: {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ}⁣[يوسف: ١٠٣] وإنما أراد بالامتلاء أن يشيع عدله ويكون له ظهور وغلبة، بحيث لا يكون العدل خاملاً، مع أن الأرض لا يراد بها مسماها حقيقة باتفاق أين ما جاء ذكرها إلاّ في الخلق؛ ونحوه في قولك: {خَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ}⁣[الشورى: ٢٩]، فالمراد حقيقتها، وأما عمارة الأرض وما ذكر من الأحكام فلا يتهيأ في كل جزء من أجزائها، وإنما هذا من قبيل: {اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ}⁣[يوسف: ٥٥]، على أنه قد طار علم يحيى في العراق والحجاز واليمن، وهذه هي الأرض في الحقيقة .... إلخ كلامه، من هامش (أ).