نهاية التنويه في إزهاق التمويه،

الهادي بن إبراهيم الوزير (المتوفى: 822 هـ)

[بعض فضائل الهادي #]

صفحة 271 - الجزء 1

  ولما بلغ الناصر الكبير علم وفاة الهادي #، بكى بنحيب ونشيج، وقال: اليوم انهد ركن الإسلام.

  وعرض ذكر الهادي # في مجلس الناصر #، فقال بعض الحاضرين: كان والله فقيهاً، فضحك الناصر وقال: ذاك والله من أئمة الهدى.

  وفضائله # ظاهرة الأعلام، وظهورها في محالها من الكتب المفردة لها تغني عن الإستظهار، فليطالعها من لم يرضَ بالاختصار والاقتصار.

  فكيف يقال لا أصل لمذهبه؟! وهل يتجاسر على هذه المقالة إلاّ مَارق أو منافق؟ نعوذ بالله من الحور بعد الكور⁣(⁣١)، والعجب ممن يدعي البصيرة ويطلق لسانه بالكذب، والبصائر نور وهدىً، وهذه المقالة ضلالة وعمى، وصاحبها ذو عمى لا ذو بصيرة.

  وقد قال الإمام يحيى بن حمزة: البصيرة العمياء خير من البصيرة الحولى.

  قلت: لأن العمى الخالص يتحرز معه صاحبه عن الوقوع في المهاوي، ولا يسير في الغالب إلاّ ومعه قائد يرشده إلى السلامة من المهالك، ويدله على السهل من المسالك.

  وصاحب العين الحولى ناقص البصر، فهو يُدِلُّ باسمية البصرية حتى يتهور، ويُظْهر الغنية عن المرشد والقائد حتى يتكور، وهذه صفة صاحب البصيرة الحولى، يُخيل له الشيطان أنه نادرة الفلك، ونكتة الدنيا، وحجة العصر، ومفزع العلماء، وعميد الفضلاء، وأنه إليه يرجع الغالي، وبه يلحق التالي، فهو بزعمه سوي البصيرة، ملكي السريرة، يرشِدُ ولا يُرشَد، ويجل أن يَنْشد بل يُنشَد، فما قاله بزعمه فهو الصواب، وما رآه فهو ثمرة ما


(١) في المصباح ما لفظه: ونعوذ بالله من الحور بعد الكور؛ أي: من النقص بعد الزيادة.

وفيه أيضاً: ويقال هو الرجوع من الطاعة إلى المعصية، وهذا أنسب، من هامش (أ).