نكت العبادات وجمل الزيادات،

جعفر بن أحمد بن عبد السلام (المتوفى: 573 هـ)

باب القول في البيوع

صفحة 31 - الجزء 1

  جَهَالَةُ الْمَبِيعِ، نحْوُ: أنْ يَعْقِدَ الْبَيْعَ عَلَى بعَضِ مَا يَمْلِكُهُ مِنَ الْعَبِيدِ، أوْ مِنَ الدّورِ، أوْ مِنَ الأرَاضِي، مِنْ غَيْرِ تعْرِيفٍ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ. وَثَالثِهَا: جَهَالَةُ الثّمَنِ، نحْوُ: أنْ يَجْعَلَ الثّمَنَ مَا يَجِدُهُ مِنَ الدّناَنِيرِ وَالدّرَاهِمِ وَمَا جَرَى هَذَا الْمَجْرَى.

  وَأَما الضرْبُ الثانِي: وَهْوَ مَا يَرْجِعُ إِلَى الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، فَهْوَ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ أيْضُا:

  أَحَدُهَا: أنْ لَا يَكُونَ الْمَبِيعُ مِمّا لَا يَصِحّ تمَلّكُهُ: كَالْحُرّ الْمُسْلِمِ، وَالْمَيتَةِ، وَالْعَذِرَةِ، وَالْخَمْر، وَالْخِنْزِيرِ فِي حَقّ الْمُسْلِمِينَ، وَكَالْكَلْبِ. قَالَ الْقَاسِمُ #: إِلّا أنْ يَكُونَ مُنتَفَعُا بِهِ فِي زَرْعٍ أوْ ضَرْعٍ. وَثَانيِهَا: مَا كَانَ مَمْلُوكُا ثمّ زَالَ الْمِلْكُ عَنْهُ: كَالأوْقَافِ الْمُحبّسَةِ. وَثَالثِهَا: مَا كَانَ مَمْلُوكُا وَقَدِ انْعَقَدَ فِيهِ سَبَبُ الْحُرّيّةِ عَلَى وَجْهٍ، نحْوُ: أمّ الْوَلَدِ، وَالْمُكَاتبِ، وَالْمُدَبرِ، إذِا لَمْ يَكُنْ بِسَيّدِهِ ضَرُورَةٌ، فَإنِ كَانَ بِهِ ضَرُورَةٌ جَازَ بيْعُهُ.

  وَكُل مَا يَقِفُ نفَاذُهُ مِنَ الْبُيُوعِ عَلَى الرّضَى وَيَتِمّ عِنْدَهُ فَهْوَ مِنْ جمُلْةِ الْبُيُوعِ الصّحِيحَةِ: كَبَيْعِ الْمَعِيبِ، وَبيَعِ الْمُصَرّاةِ: وَهْيَ الّتِي يُحْبَسُ لَبَنُهَا فِي ضَرْعِهَا تدَلِيساً عَلَى الْمُشْتَرِي، وَالْبَيْعِ الْمَوْقُوفِ: وَهْوَ أنْ يَبِيعَ الإِنسَانُ مِلْكَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، وَلَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِ، وَالشرَاءِ الْمَوْقُوفِ: وَهْوَ أنْ يَشْتَرِيَ كَذَلِكَ لِغَيْرِهِ؛ فَإِنّهُ يَتِمّ مَتَى رَضِيَ الْمَالِكُ بِهِ. وَمِنْ جمُلْةِ مَا يَلْحَقُ بِالْبَابِ: بيْعُ مَا لَمْ يُقْبَضْ، وَبيْعُ الْحَيَوَانِ الّذِي يُؤْكَلُ لَحْمُهُ بِاللّحْمِ؛ فَإِنّ ذَلِكَ فَاسِدٌ.

  وَإذِا تَلِفَ الْمَبِيعُ قَبْلَ تسْلِيمِ الْبَائِعِ لَهُ فَهْوَ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ، وَعَلَيْهِ رَدّ مَا أخَذَ مِنَ الثّمَنِ. وَالتفَرقُ الّذِي يَتِمّ بِهِ الْمَبِيعُ هُوَ تفَرّقُ الْمُتَبَايِعَيْنِ بِالأقْوَالِ، بِأنْ يَصْرِمَا الْعَقْدَ وَإِنْ لَمْ يَتَفَرّقا بِالأبَدْانِ. وَمَنِ اشْتَرَى شَيْئاً لَمْ يَرَهُ فَلَهُ الْخِيَارُ مَتَى رَآهُ.