باب في النفقة
بَابٌ فِي النّفَقَةِ
  وَالنَّفَقَةُ ضَرْباَنِ: أَحَدُهُمَا: يَجِبُ بسِببٍ. وَالثانِي: بِرَحِمٍ. فَالسبَبُ قِسْمَانِ: أَحَدُهُمَا: النكّاحُ. وَالثانِي: الْمِلْكُ. وَالنَّفَقَةُ الوَاجِبَةُ بِالنكّاحِ: هِيَ نفَقَةُ الزّوْجَةِ عَلَى زَوْجِهَا: فِيطَعَامِهَا، وَمُؤْنتِهَا، وَكِسْوَتهِا، وَسُكْناَهَا، عَلَى قَدْرِ يَسَارِ الزّوْجِ وَإِعْسَارِهِ، فَإنِ كَانتْ لَا تَخْدُمُ نفَسَهَا أَخْدَمَهَا مَنْ يَقُومُ بِهَا، وَسَوَاءٌ كَانتِ الزّوْجَةُ صَغِيرَةُ أوْ كَبِيرَةُ، مَدْخُولُا بِهَا أوْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا، إِلّا ألّا تمَكّنهُ مِنْ نفَسِهَا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ؛ فَتَسْقُطَ نفَقَتُهَا. فَإنِ طلَقَهَا الزّوْجُ فَلَهَا النفّقَةُ مَا دَامَتْ فِي الْعِدّةِ، إِلّا أنْ تبْرِئَ مِنهَا. فَإنِ كَانتِ التّطْلِيقَةُ باَئنِاُ لمَ يكَنْ لَهَا عَلَيْهِ سُكْنىَ. فَإذِا توُفّيَ عَنهَا زَوْجُهَا فَلَهَا النفّقَةُ مِنْ ترِكَتِهِ حَتّى تنَقْضِيَ عِدّتهُا. وَأَما المِلْكُ: فَإِنهُ يَجِبُ عَلَى الْمَوْلَى نفَقَةُ مَمَالِيكِهِ، وَلَا يجُوزُ لهُ تضَيِيْعُهُمْ.
  وَأَما الضرْبُ الثانِي: وَهْوَ مَا يَجِبُ مِنَ النفّقَةِ بِالرّحِمِ؛ فإِنهُ يَجِبُ عَلَى الْمُوْسِرِ نفَقَةُ قَرِيبِهِ الْمُعْسِرِ بِشَرْطَيْنِ: أَحَدِهُمَا: أنْ يَكُونَ الْمُعْسِرُ مُسْلِماً - هَذَا فِي غَيْرِ الْوَالِدَينِ - فَأَما هُمَا فِإِنّ نفَقَتَهُمَا تجِبُ عَلَى كُلّ حَالٍ إِذَا كَاناَ مُعْسِرَيْنِ. وَالشرْطُ الثانِي: أنْ يكَونَ الْمُوسِرُ وَارِثاً لَهُ. وَإذِا كَانَ لَهُ وَرَثةَ كَثِيرٌ وَجَبَتْ عَلَيْهِمُ النفّقَةُ عَلَى قَدْرِ مَا يسْتَحِقّونهُ مِنَ الإِرْثِ. وَيَلْحَقُ بِذَلِكَ نفَقَةُ الْمُرْضِعَةِ لِلصّغِيرِ مِنْ هَؤُلَاءِ الأقَارِبِ الْمُوسِرِينَ.
  وَالأمُ أوْلَى بِإِرْضَاعِ وَلَدِهَا؛ فَإنِ طَالَبَتْهُ بِالنفّقَةِ أو الأجْرَةِ عَلَى الرّضَاعِ كَانَ لَهَا ذَلِكِ.
كِتَابُ الطّلَاقِ
  الطلَاقُ ضَرْباَنِ: طَلَاقُ سُنةٍ، وَطَلَاقُ بِدْعَةٍ؛ فَطَلَاقُ السنّة: هُوَ أنْ يُطَلّقَهَا الزّوْجُ ابتِدَاءً، فِي طُهْرٍ لَمْ يُجَامِعْهَا فِيهِ. وَطَلَاقُ الْبدِعَةِ: هُوَ أنْ يُطَلّقَهَا فِي غَيْرِ طُهْرٍ، أوْ فِي طُهْرٍ قَدْ جَامَعَهَا فِيهِ، أوْ طَلّقَهَا أكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ فِي ذَلِكِ الطّهْرِ. وَطَلَاقُ الْبِدْعَةِ وَاقِعٌ، وَالْمُطَلّقُ آثمِ فِيهِ. وَلِلزَّوجِ أنْ يُرَاجِعَ امْرَأتَهُ مَا دَامَتْ فِي العِدّةِ إِذَا لَمْ يَكُنْ طَلَاقاً باَئناً.