نكت العبادات وجمل الزيادات،

جعفر بن أحمد بن عبد السلام (المتوفى: 573 هـ)

باب القول في البيوع

صفحة 30 - الجزء 1

كِتَابُ البُيُوعِ

بَابُ القَوْلِ فِي البُيُوعِ

  الْبُيُوعُ ضَرْباَنِ: صَحِيحٌ، وَفَاسِدٌ. فَالصحيحُ: هُوَ مَا يَحْصُلُ فِيه الْعَقْدُ مِمّنْ يَجُوز تَصَرّفُهُ، عَلَى وَجْهِ التّرَاضِي، بِلَفْظَيْنِ مَاضِيَيْنِ، نَحْوِ: أنْ يَقُولَ الْبَائعِ: بِعْتُ، وَالْمُشْتَرِي: اشْتَرَيْتُ، وَيعَرَى ذَلِكِ عَنْ وُجُوهِ الْفَسَادِ. وَالْفَاسِدُ: مَا لَمْ يَكُنْ كَذَلكِ.

  وَوُجُوهُ الْفَسَادِ فِي الْبَيْعِ ضَرْباَنِ: أَحَدُهُمَا: يَرْجِعُ إِلَى الْعَقْدِ، وَالثانِي: يرْجِعُ إِلَى الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ. وَالذِي يَرْجِعُ إِلَى الْعَقْدِ ثلَاثةَ أمُورٍ: وَهْيَ الرّبَى، وَالْغَرَرُ، وَالْجَهَالَةُ.

  وَالربىَ ثلَاثةَ أقْسَامٍ: أَحَدُهَا: بيْعُ الْمَكِيلِ أوِ الْمَوْزُونِ بِجِنسِهِ مُتَفَاضِلُا: سَوَاءٌ كَانَ يَداً بِيَدٍ أوْ نسَأ. وَثَانيِهَا: بيْعُ الْمَكِيلِ بِمَكِيلٍ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ، أوِ الْمَوْزُونِ بِمَوْزُونٍ مِنْ غَيْرِ جِنسِهِ نسَأ. فَإنِ كَانَ ذَلِكَ يَداً بِيَدٍ جَازَ فِيهِ التّفَاضُلُ: كَالْبُرّ بِالشّعِيرِ، وَالنّحَاسِ بِالْحَدِيدِ، وَمَا أشْبَهَ ذَلِكَ، سِوَى الذّهَبِ وَالْفِضّةِ؛ فَإِنهُمَا مِنْ جمُلْةِ الْمَوْزُوناَتِ؛ وَيجُوزُ بيْعُ سَائِرِ الْمَوْزُوناَتِ بِهِمَا نقَداً وَنِسِيئَةُ، وَكَذَلكِ إِذَا اتفّقَ الشّيْئَانِ فِي الْجِنسِ وَلَمْ يَكُوناَ مَكِيلَيْنِ وَلَا مَوْزُونيْنِ - جَازَ التّفَاضُلُ وَحَرُمَ النسَأ: كَبَيْعِ رُمّانةٍ بِرُمّانتَيْنِ، وَثوْبٍ بِثَوْبيَنِ، وَشَاةٍ بِشَاتيْنِ، وَمَا أشْبَهَ ذَلكِ. وَثَالثِهُا:

  أنْ يَبِيعَ الشّيْءَ بِأكْثَرَ مِنْ سِعْرِ يَوْمِهِ أوْ وَقْتِهِ مُؤَجّلا، عِنْدَ الْقَاسِمِ وَالْهَادِي @.

  وَالْغَرَرُ ثلَاثةَ أنَوَاعٍ: أَحَدُهَا: بيْعُ مَا لَيْسَ بِمَمْلُوكٍ: كَبَيْعِ الْحِيتَانِ فِي الأنَهَارِ، وَالطّيُورِ فِي الْهَوَاءِ. وَثَانيِهَا: بيْعُ مَا لَا يتَمَيّزُ مِنْ غَيْرِهِ: كَبَيْعِ الأوْلَادِ فِي بطُونِ الأنَعَامِ، وَاللّبَنِ فِي ضُرُوعِهَا. وَثَالثِهَا: بيْعُ مَا لَا يُمْكِنُ تسْلِيمُهِ: كَبيَعِ الضّالّةِ وَالآبِقِ.

  وَالجَهَالَةُ عَلَى ثلَاثةِ أوْجُهٍ أيْضُا: أَحَدُهَا: جَهَالَةُ الْعَقْدِ، نحْوُ: أنْ يَكُونَ الْخِيَارُ فِيهِ إِلَى أمَدٍ غَيْرِ مَعْلُومٍ، أوْ لِإِنسَانٍ غَيْرِ مَعْلُومٍ؛ لِأنّ اسْتقِرَارَ الْعَقْدِ مَعَ ذَلكِ يَكُونُ مَجْهُولُا، فَإنِ كَانَ فِيهِ الْخِيَارُ إِلَى أمَدٍ مَعْلُومٍ، أوْ لِرَجُلٍ مَعْلُومٍ جَازَ. وَثَانيِهَا: