نكت العبادات وجمل الزيادات،

جعفر بن أحمد بن عبد السلام (المتوفى: 573 هـ)

باب الصدقة

صفحة 38 - الجزء 1

  لغَيْرِ وَجْهِ اللهِ سُبْحَانهُ، أوْ لِوَلَدٍ صَغِيرٍ؛ فَإنّهُ يَصِحّ الرّجُوعُ فِي ذَلِكَ إِذَا كَانَ الْمَوْهُوبُ قَائمِا بِعَيْنِهِ، وَالْمِلْكُ الثّابِتُ بِالْهِبَةِ باَقِيُا لَمْ يَنتَقِلْ. وَالثانِي: لَا يَصِحّ فِيهِ الرّجْعَةُ: وَهْوَ مَا كَانَ لسِائرِ الأقَارِبِ سِوَى الأوْلَادِ الصّغَارِ، أَوْ وَقَعَتِ الْهِبَةُ مِنْ أجْنبِيّ لوِجْهِ للهِ سُبْحَانهُ. وَلَا يَصِح الرّجُوعُ فِي الصّدَقَةِ: لِقَرِيبٍ كَانتْ، أوْ لِأجْنبِيّ. وَلَا تَصِح هِبَةُ الْمَجْهُولِ، وَلَا هِبَةُ الصّبِيّ، وَالْمَجْنوُنِ، وَالْمَحْجُورِ عَلَيْهِ لِلدّيُونِ. وَهِبَةُ الصّحِيحِ ناَفِذَةٌ فِي مَالهِ، وَكَذَلكِ الْمَرِيضُ الّذِي لَا يُخَافُ عَليْهِ التلّفُ مِنْ مَرَضِهِ، فَأَما إِذَا خِيفَ عَلَيْهِ لمَ يَجُزْ مِنْ هِبَتِهِ إِلّا مِقْدَارُ الثّلُثِ مِنْ ترِكَتِهِ، إِلّا أنْ يُجِيزَ الْوَرَثةَ مَا زَادَ عَلَيْهِ.

بَابُ الهَدِيّةِ وَالإِبَاحَةِ

  الهَدِيةُ تَجْرِي مَجْرَى الْهِبَةِ، غَيْرَ أنَهَا لَا تَحْتَاجُ إِلَى عَقْدِ تمْلِيكٍ، وَيُسْتغَنىَ فيِهَا بِالتّسْلِيمِ، وَيَمْلِكُهَا الْمُهْدَى إِلَيْهِ. وَكَذَلكِ الإِباَحَةُ قَدْ يُسْتَغَنىَ فِيهَا عَنِ اللّفْظِ، وَقَدْ تكَونُ بِاللفْظِ، نحْوَ أنْ يَقُولَ: قَدْ أبَحَتُ لَكَ كَذَا مِنْ مَالِي، وَقَدْ تكَونُ بِغَيْرِ لَفْظٍ: كَتَقْدِيمِ الطّعَامِ إلِى الضّيْفِ، وَمَا جَرَى هَذَا الْمَجْرَى. وَيحْرُمُ مِنَ الهَدَاياَ: رُشَا الحُكّامِ، وَالهْدَايَا إلِى وُلَاةِ الإِمَامِ، وَالهَدِيةُ إِلَى مَنِ امْتَنعَ مِنَ الْقِيَامِ بِمَا يلَزَمُهُ، وَالْكَفّ عَمّا يَحْرُمُ عَلَيْهِ إلا بِهَدِيّةٍ تهْدَى إِليْهِ.

بَابُ العُمْرَى وَالرّقبَى

  وَمَعْناَهُمَا وَاحِدٌ: وَهْوَ أنْ يقَولَ الرّجُلُ لِغَيْرِهِ: قَدْ أعْمَرْتكُ هَذَا الشّيْءَ أوْ أرْقَبْتُكَ.

  فَإنِ أطْلَقَهُمَا وَلَمْ يُوقّتْهُمَا فَهُمَا كَالْهِبَةِ، وَيَقَعُ بِهِمَا الْمِلْكُ. وَإنِ عَلّقَهُمَا بِوَقْتٍ نحْو أنْ يَقُولَ: أعْمَرْتكُ عُمْرَكَ أوْ عُمْرِي فَهُمَا فِي مَعْنىَ الْعَارِيَةِ، وَيجُوزُ فِيهِمَا مَا يَجُوزُ فِي الْعَارِيَةِ.

بَابُ الصّدَقَةِ

  الصدَقَةُ ضَرْباَنِ: أَحَدُهُمَا: يَثْبُتُ بِهِ الْمِلْكُ لِلمُتَصَدّقِ عَلَيْهِ فِي أصْلِهَا؛ وَهَذِهِ لَابُدّ فِيهَا مِنَ الإيجَابِ وَالْقَبُولِ، وَلَابدَّ أنْ تكَونَ مَعْلُومَةُ كَالْهِبَةِ. وَالثانِي: صَدَقَةٌ لَا يُمْلكُ