باب القول في السلم
بابُ القول في السّلَم
  السلَمُ جَائِزٌ إذا تكامَلَتْ شُرُوطُهُ، وَهْيَ سَبْعَةٌ: أَحَدُهَا: أنْ يدَفَعَ الثّمَنَ عندْ عَقْد السّلَمِ: سَوَاءٌ كَانَ الثّمَنُ نقَدُا أوْ عَرَضُا. وَالثانِي: أنْ يَكُونَ الْمُسْلَمُ فِيهِ قَدْرُا مَعْلُومُا بكيْلٍ أوْ وَزْنٍ، نحْوَ: كَذَا مَكِيالُا مِنَ الطّعَامِ، أوْ كَذَا رَطْلُا مِنَ الْعَسَلِ. وَالثالِثُ: أنْ يَكُونَ الْجِنسُ مَعْلُومُا، نحْوَ: الْبُرّ أوْ يْرِهِ مِنَ الأجْناَسِ. وَالرابِعُ: أنْ يَكُونَ النّوْعُ مَعْلُومُا، نحْوَ: الْبُرّ الْعَرَبِيّ، أوِ الْهَلْباَء(١) أوْ غَيْرِ ذَلِكَ. وَالخْاَمِسُ: أنْ يَكُونَ الْمَوْصُوفُ مَعْلُومُا، نحْوَ: الأحَمْرِ، وَالطّيّبِ، وَالأبَيَضِ. وَالسادِسُ: أنْ يكَونَ الوَقْتُ الّذِي يقُبَضُ فِيهِ الْمَبِيعُ مَعْلُومُا، نحْوَ: يَوْمِ كَذَا، أوْ سَاعَةِ كَذَا. وَالسابعِ: أنْ يَكُونَ الْمَوْضِعُ الّذِي يُقْبَضُ فِيهِ الْمَبِيعُ مَعْلُومُا، نحْوَ: قَرْيَةِ كَذَا، أوْ دَارِ كَذَا.
  وَلَا يجُوزُ السّلَمُ مُعَجّلُا. وَلَا يجُوزُ أنْ يبِيعَ الْمُسْلَمَ فِيهِ، وَلَا أنْ يَسْتَبْدِلَ بِهِ شَيْئاً آخَرَ قَبْلَ قَبْضِهِ. وَلَا يجُوزُ السّلَمُ فِيمَا يَعْظُمُ فِيهِ التّفَاوُتُ: كَالْحَيَوَاناَتِ، وَالْجَوَاهِرِ، وَاللّآلئِ، وَمَا أشْبَهَ ذَلِكَ.
كِتَابُ الشّفْعَةِ
  الشّفْعَةُ وَاجِبَةٌ فِي كُلّ شَيْءٍ يُمْلَكُ عَلَى عِوَضٍ مِنَ الْمَالِ. وَهْيَ تُسْتَحَقّ بأَرْبعَةِ أشْيَاءَ: أَحَدُهَا: الشّرْكَةُ فِي نفَسِ الْمَبِيعِ. وَالثانِي: الشّرْكَةُ فِي الشّرْبِ. وَالثالثِ: الشّرْكَةُ فِي الطّرِيقِ. وَالرابعِ: الْجِوَارُ الْمُلَاصِقُ. وَهْيَ عَلَى هَذَا التّرْتيِبِ: لَا يَسْتَحِقّ الأبَعْدُ مِنهَا شَيْئاً مَعَ وُجُودِ الأقْرَبِ. وَعَلَى الشّفِيعِ مِثْلُ الثّمَنِ إِنْ كَانَ مِنْ ذَوَاتِ الأمْثَالِ، وَقِيمَتُهُ إِنْ كَانَ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ: كَالْعُرُوضِ، وَالْحَيَوَاناَتِ. وَيجَبِ أنْ يُطَالِبَهُ بِالشّفْعَةِ وقْتَ عِلْمِهِ بِالْبَيْعِ، وَإِنْ فَرّطَ فِي ذَلِكَ قَلِيلُا أوْ كَثِيرُا بطَلتْ شُفْعَتُهُ.
(١) الْهَلْبَاءُ: من أفخر أنواع البر، يزرع في بعض مناطق صعدة، والجوف، ومأرب.