مقدمة المؤلف
مقدمة المؤلف
  
  وبه نستعين
  الحمد لله الذي أورث من يشاء من عباده علم فرائض الكتاب، وهيّأ لهم الأسباب لفهم معانيه، بما كشف عنهم من الحجاب، ومنعهم من دعوى ما ليس عندهم من العلم؛ صيانةً لهم من الزيغ والارتياب، ولم يحجب عنهم دقائق العلوم، لما كحل عيون بصائرهم بنور إصابة الصواب، وأوفر لهم السهام من مَنَايِحِهِ العميمة، وأجزل لهم الثواب، والصلاة والسلام على سيدنا محمد ناشر أعلام الأحكام، وموضح نهج الهداية على الدوام، وعلى آله الأئمة الأعلام، وصحابته الكرام. أما بعد: فهذا شرح لطيف، وطَوْدٌ مُنِيفٌ، علَّقته على منظومتي في الفرائض مع غاية الاختصار، ونهاية الإيجاز، مُبَرَّأً عن الإشكال والإلغاز، ليس بالطويل الممل، ولا بالقصير المخل، نافعًا للمبتدي، وموضحًا للطالب المهتدي، ملتزمًا فيه الاقتصار على بيان معانيها، وحل مبانيها، مع الأَشَارَ ة إلى الدليل بأوضح عبارة، وأفهم أَشَارَ ة، مقتصرًا على ما يحصل به المراد من علم الحساب؛ إذ ليس في ذلك كثير فائدة، ولا مصلحة عائدة؛ إذ الفائدة المقصودة معرفة إيصال كل وارث بميراثه على القواعد الشرعية الجلية، لا على دقائق الأعمال الحسابية، وسميته (كشف الغامض، شرح منظومة الفرائض) واللهَ أسأل، وبنبيه الكريم أتوسل، أن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم، وأن يغمرنا بجزيل منّه العميم، آمين آمين.
  قَالَ النَّاظِمُ غَفَرَ اللَّهُ له ذنوبه(١):
  ١ - الْحَمْدُ لِلهِ الَّذِيْ أَوْرَثَنَا ... فَرَائِضَ الْكِتَابِ إِذْ عَلَّمَنَا
  (الْحَمْدُ): هو الثناء بالجميل على الجميل الاختياري من نعمة وغيرها، واللام فيه للجنس، وهو أَشَارَ ة إلى ما يعرفه كل أحد من أن الحمد ما هو؟ كما اختاره صاحب الكشاف، وهو مبتدأ خبره قوله: (للهِ) وهو عَلَمٌ للواجب الوجود الخالق للعالم، المستحق لجميع المحامد، وإتيانه بالجملة الاسمية لدلالتها على الدوام والثبوت. (الذي أورثنا) معشر الأمة المحمدية، وفيه أَشَارَ ة وتلميح إلى قوله تعالى: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا
(١) درج المؤلف بالترضي والدعاء للناظم وهوالناظم نفسه، وهذا يطلق عليه في علم البديع بالتجريد، وهو أن يجرِّد المؤلفُ من نفسه شخصًا آخر يخاطبه؛ فالمؤلف هو الناظم والشارح معا.