كشف الغامض شرح منظومة الفرائض،

الحسن بن إسماعيل الحسني (المتوفى: 1270 هـ)

باب ذكر ولاء العتاق

صفحة 44 - الجزء 1

  من هو أخص منه: كعتيق تزوج بعتيقةٍ فإن وَلَاءَ أولادهما لمولى الأب دون مولى الأم. فلو تزوجت مملوكًا كان ولاءُ أولادها لمولاها حتى يعتق العبد فيصير لمواليه، فلو عدم موالي الأب بعد أن عاد الولاء إليهم فعند أصحابنا والأكثر: لا يعود الولاء إلى موالي الأم بل لبيت المال، وقَالَ ابن عباس والسيد يحيى: بل يعود إليهم. واعلم أن مِنْ أحكامه أنه يورث به ولا يورث في نفسه؛ فلا يصح بيعه، ولا هبته خلاف مالك، فلو مات المولى وله ثلاثة بنين ثم مات أحدهم عن ابن، والثاني عن اثنين، والثالث عن ثلاثة، ثم مات العتيق كان ميراثه بينهم أسداسًا، وقَالَ في وسيط الفرائض، ومالك، وشريح: يكون بينهم أثلاثًا، وهو ظاهر «التذكرة»، وكذا في بني الإخوة وبني الأعمام. وقولنا: إنه يورث به ولا يورث في نفسه، وتفسير ذلك أن رجلًا لو أعتق عبدًا، ومات وترك ابنين، ثم مات أحد الابنين وترك ابنين ثم مات المعتَقُ فميراثه لابن المولى، ولا شيء لابن ابنه، ولو كان يورث لاشتركا فيه؛ وذلك لقوله ÷: «الوَلَاءُ لِلْكُبْرِ»⁣(⁣١). وَاعْلَمْ أَنَّهُ يجر⁣(⁣٢) الولاءَ من عتيق العتيق كما تقدم وإن بَعُدَ، ومن أولاده وإن نزلوا ما لم يتخلل فيهم أب أو جد مملوك أو عتيق؛ لأنه قد قطع مِنَّةَ المعتِقِ الأول؛ فإنه يمنع جرّ الولاء إلى آبائه: وسواء كان حيًّا أو ميتًا، بخلاف ميراث البنت فإن الرق لا يقطعه نحو أن يكون الأب مملوكًا والجد حُرًّا فإنه يرث ابن ابنه، خلاف ظاهر كلام الهادي، وحُكْمُ أبوي الأم حكم الأم فيما تقدم آنفًا. ومن أحكامه أيضًا أن العصبة أولى من ذوي السهام، فمن مات وخلف ابن مولاه وأبا مولاه كان الابن أولى به؛ لأنه عصبة، وروي عن علي # والثوري أنهما سواء، وقَالَ أبو يوسف، وإسحاق، وأحمد، والشعبي، والنخعي: إن للأب السدس. قوله:

  ٥٦ - وَلَا يُعَصِّبُ الذُّكُوْرُ مِنْهُمُ ... إِنَاثَهُمْ فَكُلُّ أُنْثَى تُحْرَمُ

  ٥٧ - وَهَكَذَا الْمَوْلَى فَلَا يَتَّصِلُ ... بِالإِرْثِ إِلَّا بَعْدَ أَنْ يَسْتَكْمِلُوا

  ٥٨ - ذَوُوْ السِّهَامِ الْكُلَّ ثُمَّ الْعَصَبَهْ ... فَاعْلَمْ بَلَغْتَ فيْ الْعُلَا مَا تُطْلَبَهْ

  أَشَارَ النَّاظِمُ إلى أنه لا يعصب الذكورُ منهم إناثَهم؛ فلو خلف العتيق أولاد مولاهُ وبنات مولاه كان الميراث لأولاد مولاهُ دون البنات، وهذا مما لا خلاف فيه إلا ما يحكى عن شريح وعطاء وطاوس، وقد انقرض خلافهم، وكذا أخا مولاه وأخت مولاه، وإذا خلف جد مولاه وإخوة


(١) التجريد ٥/ ٤٦، والبيهقي ١٠/ ٣٠٣، ومسند الإمام الأعظم زيد بن علي # ص ٢٤٨ رقم ٥٧٨، وعبدالرزاق ٩/ ٣ رقم ١٦٢٣، وابن أبي شيبة ٧/ ٣٩٨ رقم ٥، والبيهقي برقم ١٢٠١٧.

(٢) ولا يرث المعتِقُ من مُعْتَقِ مُعْتَقِهِ إلا مع عدم عصبة مُعْتَقِهِ. تمت مؤلف ص ١٨ (خ).