كشف الغامض شرح منظومة الفرائض،

الحسن بن إسماعيل الحسني (المتوفى: 1270 هـ)

باب من يرث الثمن

صفحة 52 - الجزء 1

  المقاسمة شرًّا له من الثلث، فإذا كانت المقاسمة شرًّا له من الثلث كان له الثلث، وبهذا قَالَ أبو يوسف ومحمد والشافعي ومالك وسفيان الثوري. وذهب الناصر إلى أنه بمنزلة الإخوة يقاسمهم أبدًا، والإجماع يحجه، ومثال ما تكون المقاسمة شرًّا له أن يكون مَثَلًا مع ستة إخوة أو سبعة فلو قاسم الإخوة لكان له السبع أو الثمن؛ فيعطى السدس كاملًا ويقسم ما بقي بين الإخوة، وسيأتي تفصيله في بابه من الأحوال. قوله:

  ٨٢ - وَهْوَ لِفَرْدٍ مِنْ بَنِيْ الأُمِّ خَلَا ... عَنْ مُسْقِطٍ كَمَا بِهِ النَّصُّ جَلَا

  أَشَارَ إلى فرض الواحد من بني الأم ذكرًا كان أو أنثى وهو السدس، والدليل عليه قوله تعالى في آية الكلالة: {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ}⁣[النساء: ١٢]، وفي مصحف ابن مسعود: (وله أخ أو أخت من أم): والإجماع على ذلك، وذلك مع خلوهم عن مسقط لهم كما سيأتي في باب الإسقاط إن شاء الله تعالى. قوله:

  ٨٣ - وَهْوَ كَذَا لِجَدَّةٍ أَوْ أَكْثَرَا ... فَكُنْ بِمَا أَقُوْلُهُ مُسْتَبْصِرَا

  أَشَارَ إلى فرض الجدة والجدات وهو السدس أيضًا، والدليل على ذلك حديث أن النبي ÷ أعطى الجدة السدس. أخرجه أحمد وأصحاب السنن وابن حبان والحاكم بإسناد صحيح من حديث محمد بن مسلمة والمغيرة في قصة للجدة مع أبي بكر، وقد أُعِلَّ بأن قبيصة لم يصح سماعه من أبي بكر فهو مُرْسَلٌ إِلَّا أن له شواهد عند أبي داود والنسائي من حديث بريدة بلفظ: أن النبي ÷ جعل للجدة السدس إن لم يكن دونها أم، وذكره ابن مندة أنه روي أيضًا من حديث معقل بن يسار وعمران بن حصين. وأما اشتراكهن في السدس فلما أخرجه مالك في الموطأ والدارقطني من حديث القاسم بن محمد⁣(⁣١) قال: جاءت الجدتان إلى أبي بكر فأعطى أم الأم الميراث دون أم الأب، فقَالَ عبد الرحمن بن سهل بن حارثة الأنصاري: منعت التي لو ماتت ورثها، فجعل أبو بكر السدس بينهما نصفين إلا أن القاسم لم يدرك جده، ورواه الدراقطني والبيهقي من مراسيل الحسن، ونقل محمد بن نضر اتفاق الصحابة على ذلك إلا ما يروى عن سعد بن أبي وقاص أنه أنكر ذلك حين بلغه أن عبد الله وَرَّثَ ثلاث جدات فقال: «هَلَّا وَرَّثَ حَوَّا»؟ وقيل: لا تصح الرواية عنه. إذا عرفت هذا فاعلم أن كل جدة أدلت إلى الميت بمحض الإناث كأم أم أو بمحض الذكور: كأم أب، أو بمحض الإناث


(١) المراد به القاسم بن محمد بن أبي بكر بن أبي قحافة.