النصوص الصحيحية والأخبار الصحيحة،

القاسم بن أحمد المهدي (معاصر)

الباب الخامس الدين الذي جاء به

صفحة 267 - الجزء 1

  الآثام فيما سبق إليهم من الأفهام الفاسدة، لا يخافون معه زلة في قول ولا عمل، ولا يخشون لوجوده فيهم أي حادثة توقعهم في هول ولا زلل، ولا ييأسون لمراعاته مصالحهم عن إصابة كل أمل، ولا يقنطون الحسن نظره فيهم عن روح الله في كل أمر حصل، أمره الله بالاستغفار لهم عندما يأتون إليه تائبين عن سيئاتهم، وألزمه الصلاة عليهم حين يأتون بصدقاتهم، يصفح عن مسيئهم، فينقلبوا فرحين مسرورين وينصح من ضل منهم عن الحق، فيتوبوا مصلحين مأجورين، ونهاه الله أن يكون فظا غليظ القلب لئلا ينفضوا عنه بغير فائدة، وألزمه لين الجانب لهم لما في ذلك من اللطف بهم والظفر بكل عائدة ... إلخ.

  قال الدكتور مصطفى محمود ¦ في كتابه (محمد ÷): هذا محمد النبي وقد اجتمعت فيه كمالات بلغ في كل منها الذروة، فهو العابد المبتهل الذي يذوب خشوعاً، ويفنى حباً، وهو المقاتل الصنديد الذي يتعرض لجحافل الموت ثابت القدم وألوف الأبطال والفرسان يفرون أمامه كالجرذان، وهو المخطط العبقري الذي يرسم الخطط فيتفوق على أهل الحرفة، وهو السياسي الحاذق الذي يحرك المجاميع ويمسك بمقاليد المشاعر بمهارة المايستروا المبدع، وهو المحدث الذي ينطق بجوامع الكلم، وهو الأب والزوج والصديق وهو صاحب الدعوة الذي يقيم نظاما وينشئ دولة من عدم من قبائل وشراذم متفرقة لا تعرف إلا قطع الطريق والثار، والتفاخر بالأحساب والأنساب، وهو برزخ الأسرار، والكاشف بالملكوت الذي يستمع إلى الله وملائكته كما نستمع نحن بعضنا إلى بعض بالغاً بذلك القمة في علوم الظاهر وعلوم