النصوص الصحيحية والأخبار الصحيحة،

القاسم بن أحمد المهدي (معاصر)

الباب الخامس الدين الذي جاء به

صفحة 277 - الجزء 1

  وكان ÷ كثير الصدقة ويحب صدقة التطوع حباً شديداً، وكان يسر بها أشد من سرور الفقير بأخذها، ولا يستكثر ما يصرفه في طريق الحق ولا يمن، بل يحسبه قليلاً وما سأله أحد شيئاً حاضراً إلا أجابه، ولم يعده كثيراً قل أو جل، وكان يعطي عطاء من لا يخاف الفقر، ولا يبالي بالعدم، وإذا رأى محتاجاً أثره بطعامه وشرابه أو بما في يده.

  وكان يتنوع في العطاء والصدقة فحيناً يهب، وحيناً يتصدق، وحيناً يهدي، وحيناً يشتري شيئاً ويدفع ثمنه ثم يهبه لبائعه، وحيناً يقترض ويؤدي أكثر من المبلغ، وحيناً كان يشري شيئاً ويؤدي أكثر من الثمن وحيناً كان يقبل الهدية وينعم بأضعافها، وكان الغرض إيصال الإحسان إلى الخلق مهما أمكن، وكان يأمر الناس بالصدقة، ويحرض عليها، ويدعو إلى السماحة والسخاوة بحاله ومقاله بحيث إن البخيل الشحيح إذا رآه أثر فيه، وتخلق بالخلق الكريم وبالكرم والبذل وكل من خالطه وصاحبه لم يكن يملك نفسه حتى يغلبه الإحسان والبذل.

  وفي حرب الكفار نهى ÷ أصحابه أن يجهزوا على جريح أو يقتلوا شيخاً أو صبياً أو امرأة، ولم يأمر ÷ بشراء العبيد ولكنه أمر ودعا ورغب في إعتاقهم ووصى بهم قال ÷: «الله الله فيما ملكت أيمانكم البسوا ظهورهم، وأشبعوا بطونهم، وألينوا لهم القول»، وكان ÷ ينصف من نفسه فيقول: «من كنت جلدت له ظهراً فهذا ظهري فليقتص مني».

  وكان ÷ يأكل مع أهل العاهات والأمراض، بل روي أنه أكل مع أجذم، وكان ÷ يسقي أهل الصفة ويشرب ما بقي في القدح من بعدهم