فصل
  بيد الله تعالى فليستعن العبد المكلف بالله على جهاد نفسه وان شق عليه في المبادئ فمتى داوم وواظب سهل عليه حتى: تقلع عنه هذه الآفة العظمى والله المسؤول أن يجعلنا ممن فاز بخلوص الأعمال وظفر بالسعادة في الدارين وغاية الرضوان قريب.
  قال في الأرشاد: ينبغي أن يكون المرء متوسطاً في أمره بصيرا بدهره عاملا بعلمه مرتدياً بثوب حلمه لا مصاعبا ولا ملايناً(١) ولا مصاحباً ولا مجانباً ولا مباعداً ولا مقارباً يظهر للمعارف الصفا ويعامل الخلق بالوفاء، ولا يستحقر ولا يستكبر ولا يستصغر ولا يسرف ولا يقتر ولا يتبذل تبذل العبد ولا يترفع ترفع المستطيل ولا يجهل ولا يعجل ولا يجالس أهل اللهو والطرب ولا يتكلم ساعة الغضب، ولا يتبختر في مشيته ولا ينظر في عطفه ولا يبالغ في الضحك المزاح وليحترس من جميع جلسائه فإنهم يضحكون معه في وجهه ويظهرون له السرور والتعجب من أفعاله في مجلسه وهم نقاد(٢) الافعال وحراس الأعمال يحصون الزلات ويغتنمون عليه الهفوات فليكن مجلسه منظوماً بالسكينة والوقار من غير انبساط مفرط ولا استكبار، محروساً عن النميمة،
(١) اللين ضد الخشونة وقد لان الشيء يلين لينا انتهى مختار.
٢) اي حذاق.