باب
  من الشهوة الخفية الباطنة التي هي أخفى من دبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء ولهذا قال ÷ «ان اخوف ما أخاف على امتي الرياء والشهوة الخفية» وقد صرح بالرياء والشهوات الباطنة عامة وهو أعظمها بلا اشكال ولهذا عجز عن الوقوف على غوائله(١) وحذاق العلماء وسماسرة الفضلاء والأذكياء فضلا عن غيرهم وهي من أعظم مكايد النفوس وللشياطين والداء الدفين وقيل انه آخر ما يخرج من رؤوس الصديقين وقيل حب الرئاسة واذا كان كذلك وجب امعان النظر في أسراره والتشمير لقلع آثاره بالجهاد الاكبر لتكون الأعمال خالصة سالمة عنه مقبولة عند الله تعالى فكيف التساهل عن ازالة ما يصير معاصي (ولا فرق بين أن يريد مع ذلك) أي مع ما يريده من الغرض الدنيوي (التقرب الى الله تعالى أولا) يريد التقرب فإن العمل يصير رياء وان اشترك الباعث للعمل (بدليل قوله ÷) وقوله (لمن سأله عن قصد مجموع الأمرين) وهما أن يقصد بالعمل الغرض الدنيوي وطاعة الله تعالى فقال ÷ («لا شريك الله في عبادته») وفي ذلك أحاديث أخر منها (قال رجل: يا رسول الله أني أقف الموقف أريد وجه الله وأريد أن يرى موطني فلم يرد عليه ÷ حتى نزل قوله تعالى: {وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ١١٠}[الكهف]
(١) اي دواهيه انتهى.