المقدمة
  اليها أسلمته الى المهالك ومن وثق بها صار هالكاً.
  وسيأتي ان شاء الله في ذم حب الدنيا وهذا موجود عند كل عاقل بالضرورة يرى تقلب الدنيا بأهلها وفي نفسه أيضاً بينها هو مسرور اذ هو حزين وكذلك في الصحة والسقم والغنى والفقر والعسر واليسر والشدة والرخاء والحر والبرد والغضب والرضا وكل ما يجده عند نفسه وغيره من تقلب الأحوال في هذه الدنيا دار البلوى واللاواء(١) (والسبب في جميع ذلك) يعني عدم الاهتمام بشأن الموت وما بعده والغفلة عنه مع أن الحال هكذا هو (حب الهوى وطول الأمل) فإن هذين الأمرين مما يحذر منها لاهلاكها كثيراً من الناس فأما الهوى فكم ورد فيه من أحاديث نبوية بعد قوله تعالى {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى ٤٠}[النازعات] وقوله ÷ «صنم يعبد أهون عند الله من هوى متبع» الى غير ذلك وأما الأمل فسيأتي قريباً ما ورد فيه (وقيل السبب) تركيب الانسان (تركيباً يحتاج فيه الى دفع المضار العاجلة قبل حضور وقت المضار الأجلة) ومن شأن الانسان الاشتغال بالعاجل وان قل عن الآجل وان عظم (فهو في المضار العاجلة مستغرق بدفع مضار الجوع والعطش والبرد والحر و الخوف والسقم والغم والقهر والاهانة والاستخفاف والشماتة) من الاعداء (ونحوها من الاحوال التي يرى أن تجرعه
(١) الشدة انتهى مختار.