رضاء رب العباد الفاتح لباب كنز الرشاد،

محمد بن مطهر الغشم (المتوفى: 1355 هـ)

المقدمة

صفحة 27 - الجزء 1

  غصص⁣(⁣١) الموت أهون من تجرعها) كا ترى كثيراً من الناس يتمنى نزول الموت عليه مما يلاقي من شدة ما هو فيه (فيهون الاهتمام به بالنظر الى الاهتمام بها) حيث هي عاجلة، وهو أجل ثم لا يزال كل انسان على هذا مهتماً بالعاجل حتى يأخذه الموت (وقد أثر عنه ÷ «أن أشق من الموت ما يتمنى الموت من أجله»). فلينظر العبد في نفسه اذا كان في شدة من وجع أو أي خصلة تقدم وطال ذلك عليه الشدة كيف يتمنى الخلاص منه مع ولو بالموت (فلذلك هان في قلبه هم ما يعلمه مما هو صائر اليه في المستقبل من ضرر الموت) وما بعده والأمر جلي (والأقرب - والله اعلم - ان السبب الحقيقي هو سلب الله تعالى للخواطر المنصرفة الى ذكر الموت) المعلوم بالضرورة (وتصور حقيقة أمره) وكذلك أيضاً (سلب الدواعي الى) الغفلة عن (الاشتغال به) كما يليق به (لما في ذلك من اعتمار الدنيا وانتظام أمرها الذي هو مقصود للحكيم) تعالى في خلقها وخلق ما فيها اذ لولا ذلك ما عمر شيء منها كما أثر عن أمير المؤمنين ~ أن الله سبحانه خلق في كل انسان حمقة فيها يميل الى الدنيا من أكل وشرب ونكاح وعمارة وغير ذلك.

  هذا معنى الرواية لا لفظها والحمقة هي النقص في كمال العقل (ولو أن الناس نزلوا أمر الموت منزلته


(١) الغصة الشجي والشجي ما ينشب في الحلق من عظم وغيره انتهى مختار.