رضاء رب العباد الفاتح لباب كنز الرشاد،

محمد بن مطهر الغشم (المتوفى: 1355 هـ)

فصل

صفحة 236 - الجزء 1

  الذي هلك به كثير من الناس خلف عن سلف. فليحذر منه غاية الحذر وليعلم كل عاقل آن اصلاح النشأة بازالة الجهل عنها أجل الاعمال وأهمها بلا اشكال (فان قيل ما معنى كون حب الدنيا رأس كل خطيئة فان معرفة ذلك غير متضحة) اتضاحاً كلياً (قلت بل اذا تأملت ووفيت النظر حقه وجدت الخلائق الذميمة والافعال القبيحة أكثرها بل كلها عن حب الدنيا والفتنة بها) أي البخل (فان ذلك داعية الانسان الى العصيان والظلم والعدوان والله المستعان ومن كلام عيسى صلوات الله وسلامه عليه: من خبث الدنيا ان الله ما عصي الا فيها وان من خبث الدنيا أن الآخرة لا تدرك الا بتركها، ألا فاعبروها ولا تعمروها واعلموا أن أصل كل خطيئة حب الدنيا ورب شهوة ساعة أورثت حزناً طويلا أو قال أيضا: الدنيا طالبة ومطلوبة فطالب الآخرة تطلبه الدنيا حتى يستكمل رزقه فيها وطالب الدنيا تطلبه الآخرة حتى يجيء الموت فيأخذه بعنقه.

  وقال الرسول الله ÷ «ان الله جل ثناؤه لم يخلق خلقاً أبغض اليه من الدنيا فانه منذ خلقها لم ينظر اليها» (فان قيل الضرورة ملجئة الى الدنيا والاشتغال بها وقد ورد فيها هذا الخبر وأمثاله فكيف السبيل الى الخلاص.

  قلت قد ذكر بعض الصالحين أن الخلاص من هذه الورطة) الورطة من الارض ما لا طريق فيها فكل مشكلة يعسر التخلص منها شبهت بها والتخلص هذه (بأن يعرف العبد أن شرها متشعب من ثلاثة أمور)