فصل
  (وينبغي معالجة النفس لتزول منها هذه الخليقة الذميمة كأن يستحضر الممدوح ان الذي مدح به ان كان من صفات الكمال الدنيوية فهو كالفرح بنبات الارض الذي يصير على القرب هشيا(١) وان كان من الصفة الدينية فذلك مما لا ينبغي الفرح به لان الخاتمة غير معلومة وخطرها(٢) باق ففي الخوف من أمرها ما يشغل عن الفرح بكل ما في الدنيا) فانتفاء الفرح عن أي من الصفتين الدينية والدنيوية فلا ينبغي الفرح بشيء من المدح حتى ان بعض الفضلاء وكاملي العقول يستأذون منه وهو المحسوس لان أقل أحواله يوجب مجاهدة النفس عن ما يحدث فيها تلك الحال (وعلى كل حال فالمادح ان صدق فلا وجه للفرح بمدحه بل بالصفة التي مدح لأجلها وهي من فضل الله عليك) فيكون لك عجب أو كبر بسببها ولم تكن الا من الله فكيف(٣) عصيانه بما تفضل به عليك فان عصيان المنعم بسبب نعمته من أفحش العصيان وان كان هذا يصدق على كل معصية لان نعمة الله لا تفارق العبد البتة (وان كذب فينبغي ان يعمك ذلك ولا تفرح به وأما المذموم فليعالج نفسه باستحضار أن من ذمه لا يخلو من ثلاثة أوجه: أحدها الصدق وقصد النصح فينبغي شكره وتقلد منته والفرح بقوله) اذ هو فعل ما يجب عليه من النصيحة بقوله ÷ «الدين النصيحة الدين النصيحة الدين
(١) الهشيم النبات اليابس ولا ييقال له هشيم وهو رطب انتهى مصباح.
(٢) الخطر الأشراف على الهلاك وخوف التلف انتهى. مصباح.
(٣) هنا حذف تقديره فكيف يصدر منك عصيانه انتهى.