رضاء رب العباد الفاتح لباب كنز الرشاد،

محمد بن مطهر الغشم (المتوفى: 1355 هـ)

فصل

صفحة 303 - الجزء 1

  تزين الأبرار في الدنيا بمثل الزهد في الدنيا» رواه أبو يعلي (فينبغي للعبد أن يقتصر من الدنيا على قدر كفايته حسبما تحتمله نفسه فإن هذا أمر اعتباري اضافي فقد يكون شيء من صفة المعاش، هذا في حق رجل لأنه لا يحتمل دونه دون الآخر لامكانه الاقتصار على أقل منه وقد ذكر العلماء رحمهم الله تعالى جنس هذا في صور منها أن قالوا فيمن أراد ركوب البحر ان عرف من نفسه القوة بأعانة الله سبحانه على ذلك فعل وان عرف الضعف ترك) لأن الاحوال تختلف باختلاف القوة والضعف في القلوب والاجساد والاشخاص والاوقات والتعود من أول النشأة كما ورد (واعط كل بدن ما عودته) أو كما قال والاولى لمن تعود الرفاهية في أول نشأته أن يرتاض قليلا قليلا بحيث لا يضر بنفسه ولا يتبع هواه حتى يتم له المراد.

  وهذا والعمدة الكبرى خلوص النية وحسن الطوية فلا يظن ظان ان ترك المال واظهار الخشونة في الملبس والمطعم هو الزهد فكم من الزهاد ردوا أنفسهم كل يوم الى قدر يسير من الطعام ولازموا ديراً لا باب له وإنما مسرتهم معرفة الناس بحالهم ونظرهم اليهم ومدحهم لهم وهذا طلب الجاه عند الناس وانه لمن حب الدنيا فلا بد للزاهد من ترك المال والجاه وجميع حظوظ الدنيا فلا يأخذ من الدنيا إلا ما يدفع الضرر عنه وقد تقدمت علامات الزهد (وكذا الكلام في التداوي مما يصيب) العبد من الآلام والاسقام (و) كذا في (طلب الرزق وغير ذلك) من كل ما يطلبه العباد في الدنيا فإن حالاتهم مختلفة في ذلك (فمن عرف من نفسه الرضى والصبر على المضرة والالم