فصل
  بلغه سواء كان نقصاناً في بدنه أو في أي شيء ينسب اليه ولو ثوبه وداره وماله ونحو ذلك وحقيقة النميمة كشف ما يكره كشفه سواء كرهه المنقول اليه أو المنقول عنه أو كرهه ثالث وسواء كان النقل قولاً أو كناية أو رمزاً(١) أو إيماء وعلى الجملة فهي افشاء السر وهتك الستر عما يكره كشفه بل كل ما أراده الانسان ورآه من أحوال الناس فينبغي أن يسكت عنه إلا أن يكون فائدة لمسلم أو دفع معصية كشهادة على من يأخذ مال غيره وأما من يخفي مال نفسه فلا تذكره لأنه نميمة فإن كان في النميمة نقصان في المحكي عنه أو ذكر عيب فقد جمع بين الغيبة والنميمة (فإن هاتين الرذيلتين الموبقتين ولا سيما الغيبة لا يكاد قليل الصمت يسلم منها ومن التضمخ بها ولا شك في قبحها وعظم موقعها في العصيان فإنه شأن(٢) نطق به القرآن وتكاثرت فيه الاخبار وورد فيه من الترهيب والوعيد الشديد ما لا يقدر قدره فنعوذ بالله من ورطات اللسان وهفوات الجنان) وأعلم أنه ورد فيهما ما لم يرد في غيرهما لعظم لهج الناس بها وقبح ما يؤديان اليه اذ هما أساس كل فتنة وقد يكون بسببها القتل والقتال وكل قبيح من الأفعال (وكفى بقوله تعالى في الغيبة {وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ}[الحجرات: ١٢] وما تضمنته هذه الآية الكريمة من تقبيح هذه الخصلة الذميمة وتشنيعها
(١) الرمز الاشارة والايماء بالشفتين والحاجب وبابه ضرب ونقر انتهى مختار.
(٢) الشأن الأمر انتهى مختار.