فصل
  (الشابع حول الخلاء والنجاسات والجائع حول المساجد والجماعات) هذا مع أن الشبع يوجب محبة الدنيا والشغل بها والولوع بها كما قيل شعراً:
  واذا كانت النفوس كباراً ... تعبت في مرادها الاجسام
  واذا كانت الدنيا محبوبة أدت الى كراهة الموت ولقاء الله وقد ورد (من أحب، لقاء الله أحب الله لقاءه) والعكس في العكس فإن جهاد النفس في الدنيا يؤدي الى بغضها ومحبة لقاء الله تعالى.
  (تنبيه * وكما أن الشبع مذموم مشؤوم فأشنع منه وأدخل في الذم أن يكون مطعم الانسان ومشربه مما لا يتحقق حله فليجتهد كل الاجتهاد في توقي الشبهات فيما يتناوله من الطعام والشراب) فمراد الله تعالى بقوله من الطيبات في القرآن كما فسره الائمة وكم وكم ورد في ذم الحرام وقد تقدم في هذا الكتاب شيء منه وفي كتاب الرضوان كثير ومن ذلك قوله ÷ لمن سأله أن يدعو له بأن يكون مجاب الدعوة فقال: «أطب طعمتك تستجب دعوتك» وفي خبر «ان لله ملكاً على بيت المقدس ينادي كل ليلة من أكل حراماً لم يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً» قيل العدل الفريضة والصرف النافلة وفي خبر آخر «كل لحم نبت من حرام فالنار أولى به» قال بعض الحكماء من أكل الشبهة أربعين يوماً أظلم قلبه وهو تأويل قوله تعالى {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ١٤}[المطففين] وعن بعض الزهاد من أكل الحرام عصت جوارحه شاء أم أبي ومن طعمته حلال أطاعته