فصل
  واظهاره (وانه) يعني هذا العبد الذليل المنتصب لعبادة الملك الجليل (محتاج في كل لحظة اليه) فهو فقير اليه في كل حين (غير مستغن عنه) في كل حال من الاحوال طرفة عين كما قال بعض العارفين فإن قيل لك ما دليلك عليه فقل حاجتي اليه.
  هذا (وان احسانه اليه فوق كل احسان) لكن ظلمات ذنوبه وغفلته والشيطان وحب الدنيا والحرص عليها واتباع الهوى والطغيان غطى ذلك فلم يلتفت أوان (و) ان (عاقبة عصيانه) وغفلته عما يجب عليه (الخلود في قعر النيران) وهيهات هيهات فإن ها هنا تسكب العبرات وتعلو الزفرات(١) ويعظم خطر الخطيئات، عند كل ذي عقل فضلاً عن ذوي النهي والألباب أما تتفكر أيها المطلع ما معنى الخلود وتمعن نظرك فيه وتعمل فكرك مرة بعد مرة اذ كل ما كان فان منقض فأنه كأن لم يكن فلا اعتداد إلا بما كان للخلود وقد ضرب مثل في الشاهد لما شرع من ضرب الامثال ليتعقله المشاهد مثاله لو أن الله تعالى ملأ الأرض خردلاً وقد تقدم فتأمله.
  هذا مع أن الانسان ما يعرف الا ما قد عرفه من حقارة الدنيا وما عليها فإنه يستعظمها لأنه لا يعرف إلا هي وإلا ففي علم الله وقدرته ما تكون السموات والأرض وما فيهن بالنسبة اليه كحلقة ملقاة في فلاة كما حكاه في تفسير الكرسي في مجموع الهادي يحيى بن الحسين رضوان الله عليه
(١) الاصوات انتهى مختار.