فصل
  وهي كالطروقة تلقح بألوان النبات وأنواع الأشجار بالثمار المختلفة في الألوان والطعوم والروائح تسقى بماء واحد وتفضل بعضها على بعض في الأكل وكلها موافق لحوائج ساكنيها ومنافعهم ومصالحهم في صحتهم واعتلاهم وما فيها من العيون المتفجرة والمعادن المفتتة والدواب المنبثة في برها وبحرها المختلفة الصور والاشكال والافعال من الوحشي والانسي والهوام وغير ذلك وقوله {لِلْمُوقِنِينَ ٢٠}[الذاريات] أي الموحدين الذين سلكوا الطريق السوي البرهاني الموصل الى المعرفة فهم ناظرون بعيون باصرة وافهام نافذة كلما رأوا آية عرفوا وجه تأملها فأزدادوا إيماناً مع أيمانهم وايقاناً الى ايقانهم انتهى وكذلك التفكر في السماء ولونها وما فيها من المصابيح واختلاف الليل والنهار وما يحدث من السحاب والمطر والرعود والبروق ونحو ذلك فإنها من أعظم الآيات الباهرة ويدل على دلالة الأنفس {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ ١٢}[المؤمنون] الآية. فأولا نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظاماً ولحما ودماً ثم حملا ومولوداً وتتعاقب عليه الأحوال من صغر وكبر وضعف وقوة وشباب وشيبة وعقل وذكاء وبلادة ومرض وصحة ونفرة وداع وصارف وعسر ويسر وغناء وفقر وغير ذلك وكل هذا من دون اختيار له في شيء ألا يدل هذا كله على العالم القادر المدبر الحكيم أم اذا نظرت الى تركيب الانسان بهرك وقال تعالى {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ٤}[التين] فأنظر كم جمع الله ø في الأنلمة من الاصابع فضلا عن غيرها وذلك اربعة وعشرون شيئاً جلدا ولحماً وعصباً وشحما وعروقاً ودماً ومخاً