فصل
  الآخرة ليست للدنيا وإنما فيها فعلها فقط اذ حقيقة الدنيا المذمومة هي ما يشغل عن الله تعالى على الأصح (فلا يشغل) كل عاقل (قلبه بالدنيا) وان احتاج مثلا الى مباشرتها ببدنه فليكن قلبه عنها معرضاً الى ما هو للآخرة وعليه بأن يصلح النية في أعماله كلها فإن النية تصير الاعمال كلها طاعة الله تعالى فليكن هذا من شأن المؤمن في كل عمل ولا يشغل قلبه بشيء من الدنيا (إلا ما كان منها للدين فإنه دين) لا محالة لكن (بشرط القصد الصالح) وهي النية الخالصة لله تعالى (واخذ الشيء من وجهه) أي من حله بلا شبهة (ووضعه في وجهه) يعني فيما يجب ويندب شرعا (و) عليه بلزوم (الاقلال) منها (و) اعتماد (القناعة) بما يكفي والاقتصاد في كل شيء منها بما لا بد منه (بما أمكن) الاقتصاد عليه (ولا يشتغل بشيء) ادنى من ما يميل الى الدنيا (وهو يحسن أفضل منه و) هذا اذا كان (له غنية عن الفضول) وإلا فلا بأس بما لا بد منه من دون توسع فليحذر كل الحذر عن الفضلات فإنها هي المهلكات لأن من ولع بها شق عليه تركها وقد يدخل فيما يحرم عليه الدخول لتحصيل تلك الفضلات وليكن الانتباه للاحتراز من ذلك في أول النشأة إذ المرء على ما نشأ عليه فإن قد تغير المرء تدارك نفسه وعلم من يجب عليه تعليمه ممن عليه له ولاية (فقد تقدم ما ورد في الدنيا) المذمومة (الترغيب عنها) وفي ذمها كتاباً وسنة (وكفى به زاجراً لأولي النهي) أي أهل العقول الراجحة (وموقظاً لذوي النومة) أي الغفلة للانتهاء) عن التكاثر فيها (ثم ليكن الانسان وصي